• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : عاشوراء والأربعين .
                    • الموضوع : قبسات من الثورة الحسينية .

قبسات من الثورة الحسينية

اللجنة العلمية في دار السيدة رقية (س) للقرآن الكريم

يقول الإمام الحسين (عليه السلام) عندما عزم على الخروج من مكّة:(وأنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي ابن أبي طالب عليه السلام فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق) [بحار الأنوار: ج44، ص329-340].

    لقد حدّد الإمام الحسين ( عليه السلام ) من اللّحظة الأولى أهداف ثورته وحركته التي لابد أن يقوم بها، استجابة لدعوة الحقّ تعالى بذلك، فلم يكن حال الحسين (عليه السلام)  كحال أولئك الذين يرون الحق لا يعمل به والباطل لا ينتهى عنه، فلا ينصرون حقّاً ولا يقاومون باطلاً، فاعتزلوا القتال وقد أمروا به، وتركوا البيعة بعد إتيانها، فسمّاهم التاريخ بالمعتزلة وهم غير جماعة واصل بن عطاء الذي اعتزل درس الأشعري في البصرة، ومن أولئك الذين خذلوا الإمام والخليفة بالحقّ، بعد البيعة له ـ خليفة المسلمين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ـ في حربه للناكثين التي عرفت بحرب الجمل.

    فالحسين (عليه السلام) أبو الأحرار وابن علي الكرار(عليه السلام) ، فلمّا وصل الدور إلى يزيد الشؤم والفسق والكفر، قال مقالته:إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، وبنا فتح الله، وبنا ختم الله، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر، قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله [بحار الأنوار: ج44، ص329-340]، وقال (عليه السلام أيضاً): وعلى الاسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد [بحار الأنوار: ج44، ص326]، فرفض الانصياع إلى الذل والهوان، ونادى بنداء الثوار ودعا الناس إلى الخروج: (ألا ترون إلى الحقّ لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه حقّاً حقّاً)[بحار الأنوار: ج44، ص381]، فلم يستجب له إلا تلك الصفوة المختارة من قبل الله تعالى، فسار بأهله وصحبه مع علمه بقتلهم وعاقبة أمرهم، محدّداً لأهدافه مناشداً الأحرار لنصرته، ولكنّ أكثر الناس اختارت الذلّ والهوان والعبودية على العزّ والحرية، وبعد أن كاتبه أهل العراق بأن أقدم إلينا، فإنّك تقدم على جند مجندة [اللّهوف في قتلى الطفوف: ص24]، والإمام الحسين ( عليه السلام ) يعلم بحالهم وغدرهم، فقد غدروا وخذلوا أبيه وأخيه في مواقف شتى، لكنه لا يبالى بذلك، فأجابهم على ذلك بالقدوم عليهم، لئلا تكون للناس عليه الحجّة، فمضى إليهم على أساس المنطق الإلهي، بعد أن أرسل إليهم ثقته وأبن عمه من أهل بيته مسلم بن عقيل (عليه السلام) يناشدهم البيعة والنصرة للإمام الحق والعدل، ونبذ أئمّة الظلم والجور والفجور، ولكن سرعان ما خذلوا سفيره وقتلوه ظلماً وعدواناً [الإرشاد للشيخ المفيد: ج2، ص63]، ولم يثنِ ذلك الإمام الحسين (عليه السلام) عن هدفه ويضعف في عزيمته؛ بل زاده ذلك عزماً وقوّة واندفاعاً نحو تحقيق الحرّية والعدالة الإلهية، لأنّ الحكمة الإلهية شاءت أن يكون الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه المنتجبون، رمزاً شامخاً للعز والحرية؛ لأنّ الإسلام وصل إلى مرحلة يكاد فيها يلفظ آخر أنفاسه، فاحتاج إلى دم كدم الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه الميامين يسقى ويروى به شجرة الإسلام ليحيا مرّة ثانية، فكان بمحمد (صلى الله عليه وآله) وجوداً وبالحسين بقاءً، ولذا صح لنا أن نقول الإسلام محمدي الوجود وحسيني البقاء، وها هو النهج الحسيني صار اليوم مشعلاً للثوار، وشعاراً لطلاب الحرية والعدالة، فالحسين الذي أرادوا طمس معالمه الفكرية والعملية صار منهلاً ينهل منه جميع الأحرار وطلاب الديمقراطية الحقيقية الواقعية، لا الديمقراطية المزيفة التي ضربت لها طبول الإعلام، ظاهرها أنيق، وواقعها وحقيقتها دكتاتورية طاغية، تستعبد الآخرين فكراً وعملاً، فالحرية بنظرها لمن جعل من نفسه ظهراً يركب وضرع يحلب، ولكن الصوت الحسيني اليوم مازال يرهب الأعداء ويزلزل الأرض بهم ويرعد السماء عليهم، وها هم اليوم يرتقبون الصيحة في السماء، ويخافونها ويستعدون لها للقضاء عليها، وأنى لهم ذلك، فإن الجيوش تُبَدَّد، والحصون تنهدم، والسلاح يكلّ، فهو وعد موعود، {إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [الرعد: 31]، وقال وقوله الحق: { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}[التوبة: 33]، وقال عزَّ من قال واصفاً لحالهم: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8]، فالحسين (عليه السلام) وإن غيّب التراب جسمه وشخصه، لكنّه حي في قلوب المؤمنين ماداموا متبعين نهجه ويعتقدون بفكره ويسيرون على دربه، قال (عليه السلام): (القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة)[اللهوف في قتلى الطفوف: ص95 ]،   قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 11]، فقتلانا في الجنّة وقتلاهم في النار.

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1416
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 11 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24