• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : الأخلاق في القرآن .
                    • الموضوع : الطاعة والتقوی‌ في القرآن والحديث .

الطاعة والتقوی‌ في القرآن والحديث

دار السيدة رقية (عليها السلام) للقرآن الكريم

القسم الثقافي

قال الله تعالى في كتابه المجيد: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾(1) وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾(2).

الطاعة: هي الخضوع لله عز وجل، وامتثال أوامره ونواهيه. والتقوی: من الوقاية، وهي صيانة النفس عما يضرها في الآخرة، وقصرها علی ما ينفعها فيها(3).

ولا ريب أن طاعة الله سبحانه هي من اشرف المزايا، وأجل الخلال الباعثة علی‌ سعادة المطيع وفوزه بشرف الدنيا والآخرة، قال تعالی: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا﴾(4).

وتواترت الأحاديث الشريفة الحاثة علی طاعة الله سبحانه ووجوب امتثال أمره، حيث روي عن الإمام الحسن الزكي (عليه السلام) في موعظته الشهيرة لجنادة: (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً، وإذا أردت عزاً بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، فاخرج من ذلّ معصية الله الی عزّ طاعة الله)(5).

وعن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال: (اصبروا علی‌طاعة الله، وتصبّروا عن معصية الله، فانما الدنيا ساعة، فما مضی فلست تجد له سروراً ولا حزناً، وما لم يأت فلست تعرفه، فاصبر علی‌تلك الساعة التي أنت فيها، فكأنك قد اغتبطت)(6).

وعنه (صلی الله عليه وآله): (اذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس، فيأتون باب الجنة فيضربونه، فيقال لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصبر. فيقال لهم: علی‌ما صبرتم؟ فيقولون: كنا نصبر علی طاعة الله ونصبر عن ‌معاصي الله. فيقول الله (عز وجل): صدقوا، أدخلوهم الجنة، وهو قول الله (عز وجل): ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾(7).

وعن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) قوله: (إذا أردت ان تعلم ان فيك خيراً، فانظر الی قلبك، فان كان يحب أهل طاعة الله (عز وجل) ويبغض أهل معصيته ففيك خير، والله يحبك. وان كان يبغض أهل طاعة الله، ويحبّ أهل معصيته فليس فيك خير، والله يبغضك، والمرء مع من أحب)(8).

ومن أعظم وانفع ما يبعث عليه العقل: تقوی الله تعالی وهي من اكبر الذخائر عنده تعالی، وجاء مدحها في الكتاب العزيز مراراً كما في قوله تعالی: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾، وقال: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، ﴿وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ وغيرها من الآيات الكريمة.

وقد علّق الله تعالی علی التقوی خير الدنيا والآخرة، وأناط بها اعزّ الأماني والآمال، منها:

1. المحبة من الله تعالی، فقال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾.

2. النجاة من الشدائد وتهيئة أسباب الارتزاق، فقال: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾.

3. النصر والتأييد، قال تعالی: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾.

4. صلاح الأعمال وقبولها، فقال تعالی: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾. وقال: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾.

5. البشارة عند الموت، قال تعالی: ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ﴾.

6. النجاة من النار، قال تعالی: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾.

7. الخلود في الجنة، قال تعالی: ﴿أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾.

فتجلی من هذا العرض ان التقوی هي الكنز العظيم، الحاوي لصنوف الأماني والآمال المادية والروحية، الدينية والدنيوية(9).

وتكون التقوی بطاعة الله تعالی في امتثال أوامره والكفّ عن زواجره، وهي عند الأولياء الخلّص ألذّ من كل ما يتعاطونه في دار الدنيا من أنواع المستلذات علی اختلاف أنواعها، لما قد أشربت قلوبهم من حبّها، فاستنارت وأشرقت وابتهجت بها،‌لاسيما وقد شابوها بالذكر والعبادة والأعمال الراجحة، فحقرت نفوسهم الدنيا وما عليها(10).

وروي عن الإمام علي (عليه السلام) قوله في مناجاة الله تعالی: (ما عبدتك طمعاً في جنتك، ولا خوفاً من نارك، ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك).

وهي من اشرف منازل ودرجات العبادة الا وهي عبادة المحبين، قال تعالی: ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ وهي تبعث علی الاستمرار في العمل والخضوع والخشوع والإخلاص، قال تعالی: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾.

ــــــــــ

1  . سورة الأحزاب: 71.

2  . سورة النحل: 128.

3  . موسوعة اخلاق اهل البيت (عليهم السلام)،‌السيد مهدي الصدر: ص 174.

4  . سورة الفتح: 17.

5  . المصدر نفسه: ص 174.

6  . الوافي: ج3، ص 63 عن الكافي.

7  . بحار الانوار: ج 2، ص 49 عن الكافي: ج 2،‌ ص 75، ح4.

8  . المصدر نفسه: ح 1، ص 283، عن علل الشرائع والمحاسن للبرقي والكافي.

9  . موسوعة اخلاق اهل البيت (عليهم السلام، السيد مهدي الصدر: ص 174.

10  . موسوعة اخلاق اهل البيت، الشيخ حسين الهمداني: ص 398.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1215
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 01 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24