بقلم : سماحة الشيخ عبدالله الحسين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة على المبعوث رحمة للعالمين، محمّد وآله الميامين، واللعنة الدائمة على أعدائهم وظالميهم، ومنكري فضائلهم إلى يوم الدين، أمّا بعد:

الإمام المهديّ (عج) في القرآن الكريم

(الحلقة الأولى)

القرآن الكـريم، كتاب الله تعالى الـّذي {لا يَأْتِيـهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَـدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيـدٍ} (1)؛ فيه تبيان كل شيء، {لا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}(2)؛ {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}(3)، وهو آخر الكتب السماوية، كما أنّ الإسلام آخر الشرائع الإلهية.

القرآن المجيد الذي أخبر عن غَلَبَة الرُوم على الفُرس، قال تعالى {غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} (4)، وعن قيام دولة اليهود بالتعاون مع الدول الكبرى، قال تعالى {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}(5).

هو نفسه الذي بشر وأخبر عن وجود الإمام المهديِّ(عج)، وقيام حكومته الموعودة في مواضع عديدة وآيات متعدّدة (6)، وهذه الآيات مفسّرة ومؤوَّلَةٌ بالإمام المهديِّ (عج) وظهوره، كما صرّح بذلك أئمّة أهل البيت)ع) الّذين أُنزل القرآن في بيوتهم، وأهل البيت أدرى بما في البيت. وإليك بعضها:

الآية الأولى: قال تعالى {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}(7)، فإن عبارة «المستضعفين في الأرض» في هذه الآية الشريفة، مفسّرة بآل محمّد (ع) وجارية فيهم.

وتبشّر الآية الشريفة بأنّ الله تبارك وتعالى يُعزّهم ويمكِّن لهم في الأرض، ويذِلُّ أعداءهم بظهور الإمام المهديِّ (عج)، كما سنلاحظه في الأحاديث التفسيريّة لهذه الآية:

فقد روى الشيخ الطوسي (ره) بإسناده إلى مولانا أمير المؤمنين(ع) في قوله تعالى {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}، قال (ع) : (هم آل محمّد، يبعث الله مهديَّهم بعد جهدهم فيُعزُّهم و يُذلُّ عدوَّهم)(8).

وروى الشيخ الصدوق (ره) بإسناده إلى الإمام الصادق (ع)، قال: (إنّ رسول الله(ص)  نظر إلى عليٍّ والحسن والحسين (ع) فبكى، وقال: أنتم المستضعفون بعدي.

قال المفضّل: فقلت له: ما معنى ذلك يا بن رسول الله ؟