• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : تفسير القرآن الكريم .
              • القسم الفرعي : تفسير السور والآيات .
                    • الموضوع : الإمام علي (عليه السلام) في رحاب القرآن الکريم: (دراسة في مصادر أهل السنة) .

الإمام علي (عليه السلام) في رحاب القرآن الکريم: (دراسة في مصادر أهل السنة)

دار السيدة رقية(عليها السلام) للقرآن الكريم

 قسم الثقافة والإعلام

أشاد القرآن الکريم في کثير من الآيات البيّنات بفضل أمير المؤمنين (عليه السلام) وأبرزه کأسمي شخصية إسلامية بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)، وأنّ له الأهمية البالغة عند الله تعالي، وقد نطقت بذلک الکثير من المصادر؛ فقد نزلت في حقّه ثلاثمائة آية من القرآن الکريم(1) ، وهي تشيد بفضله وإيمانه. في حال أنه لم ينزل هذا لعدد الضخم من الآيات الکريمة في حقّ أي أحد من أعلام الإسلام، ممّا يدل علي المنزلة العظيمة للإمام علي (عليه السلام) عند الله تعالي واختياره من جانبه تعالي في إعطائه تلک الفضائل والمنازل التي لا ينالها إلاّ نبي أو وصيّ نبي. أمّا الآيات الکريمة التي نزلت حقّه فهي علي طوائف، منها :

1- قال تعالي : (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ)(2).

حيث روي الطبرسي بسنده عن ابن عباس قال: لمّا نزلت هذه الآية وضع النبيّ (صلى الله عليه وآله) يده علي صدره وقال : « أنا المنذر، ولکل قومٍ هادٍ » وأومأ الي منکب عليّ فقال :« أنت الهادي، بک يهتدي المهتدون بعدي »(3).

2- وقال تعالي أيضاً :(وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) الحاقة:12.

روي أهل السنة أن الإمام عليّاً (عليه السلام)قال في تفسير هذه الآية : « قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) : سألت ربي أن يجعلها أذنک يا عليّ، فما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئاً فنسيته»(4).

3- وقال تعالي أيضاً فيه (عليه السلام): (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) البينة:7.

روي ابن عساکر في ذلک بسنده عن جابر بن عبدالله قال: کنّا عندالنبيّ(صلى الله عليه وآله) فأقبل عليّ(عليه السلام)، فقال النبي(صلى الله عليه وآله) : « والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة ».ونزلت فيه الآية الکريمة، فکان أصحاب النبيّ إذا أقبل عليٌّ قالوا : جاء خير البريَّة(5).

4- قال تعالي: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) النحل :43.

روي الطبري بسنده عن جابر الجعفي قال : لمّا نزلت هذه الآية، قال علي (عليه السلام) :«نحن أهل الذکر»(6).

5- وقال تعالي أيضاً في حادثة الغدير المعروفة: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) المائدة :67.

نزلت هذه الآية علي الرسول (صلى الله عليه وآله) في غدير خم لمّا رجع من حجة الوداع – کما رواه أهل السنة في تواريخهم وتفاسيرهم المعتمدة – وقد أًمر (صلى الله عليه وآله) فيها بنصب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) خليفة من بعده، فقام النبيّ (صلى الله عليه وآله) فنصب الإمام علياً (عليه السلام) خليفةوقائداً لأمته من بعده – بشکل واضح وجليّ لا يقبل التأويل -، فقال (صلى الله عليه وآله) حينها مقالته المشهورة :« مَن کنتُ مولاه فعليُّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصر من نصره، واخذل مَن خذله ». فقام عمر وقال له : هنيئاً لک يابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولي کل مؤمن ومؤمنة(7).

بعد ذلک نزلت الآية الکريمة : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)المائدة :3.

نزلت هذه الآية الکريمة في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة بعد ما نصب النبيّ (صلى الله عليه وآله)الإمام  علياً (عليه السلام) خليفة من بعده وروي ذلک أهل السنة أيضاً(8)، حيث قال الرسول (صلى الله عليه وآله) بعد نزول الآية الکريمة : « الله أکبر علي إکمال الدين، وإتمام النعمة، ورضي الرّبّ برسالتي، والولاية لعليّ بن أبي طالب »(9).

وهذه الآية الکريمة إنما تدلّ دلالةً واضحةً علي مدي اهتمام الباري تعالى بخلافة وولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)بجعلها مکمّلة للدين ولايتمّ الإسلام ولا تتمّ نعمة الله تعالي إلا بها، فيا لها من منقبة عظيمة لا ينالها إلا نبيّ أو وصيّ نبي.

6- قال تعالي :(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) المائدة : 55.

روي أهل السنة أيضاً في کتبهم أنّ الصحابي الجليل أبوذرّ قال : صلّيت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلي السماء وقال : اللّهمّ اشهد إنّي سألت في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله)فما أعطاني  أحد شيئاً ». وکان في ذلک الحين عليٌّ راکعاً، فأومأ إليه بخنصره اليمني وکان فيها خاتم، فأقبل السائل فأخذ الخاتم بمرأىً من النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال : « اللّهمّ إنّ أخي موسي (عليه السلام) سألک فقال : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْلِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)طه :25-32،فأنزلت قرآناً ناطقاً : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا) القصص : 35، اللّهمّ وأنا محمّد نبيّک وصفيُّک فاشرح لي صدري، ويسرلي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي عليَّاً أشدد به ظهري ». قال أبوذرّ : فو الله ما أتمّ الرسول (صلى الله عليه وآله)هذه الکلمة حتّي نزل جبرئيل، فقال : «يا محمّد اقرأ: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ)»(10).

حصرت هذه الآية الولاية العامّة في الله تعالي وفي رسوله العظيم وفي الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد عبّرت عنه بصيغة الجمع تعظيماً لشأنه،وتکريماً لمقامه، بالإضافة إلي کون الجملة الوارادة في الآية الكريمة اسمية وتمّ حصرها بكلمة (إِنَّمَا)، وقد أکّدت الولاية العامّة، وقد نظّم  حسّان بن ثابت نزول الآية في الإمام  (عليه السلام) بقوله :

مَنْ ذا بخاتمه تَصَدَّقَ راکِعاً

وأسرَّها في نفسه إسراراً(11)

 وأخيراً نقول: إنّ هذا غيض من فيض من فضائل أمير المؤمنين التي شهد بها المخالف والمؤالف، كيف لا وهو ربيب رسول  ربّ العالمين ووصيّه وأمير المؤمنين  الذي حبّه إيمان وبغضه كفر ونفاق، ولا يمكن الإحاطة بفضائله وكراماته. ندعو الله تعالى أن يمنّ على جميع المسلمين بالهداية  واتباع أهل بيت  رسول الله (صلى الله عليه وآله) وموالاتهم، إنّه قريب مجيب.

 المصدر: نفحات من سيرة أئمة أهل البيت(عليهم السلام)

للشيخ باقر شريف القرشي.بتصرّف


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1067
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 06 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24