• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : نساء أهل البيت (ع) .
                    • الموضوع : شهادة السيدة فاطمة الزهراء عليها سلام الله .

شهادة السيدة فاطمة الزهراء عليها سلام الله

سيد صباح بهبهاني

في ذكرى فاطمة الزهراء الأم المثالية لبيت النبوة المغصوبة ..!

ـ انسبوني من أنا ـ

فاطمة الزهراء سلام الله عليها.. بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) و أمها خديجة الكبرى.

نشأت بين أبوين ما عرف التأريخ اكرم منهما و لا كان لأحد في تاريخ الإنسانية ما لأبيها من أعمال غيرت وجه التأريخ ـ و لا أم كأمها أعطت الأموال و وهبت كل غال و نفيس من اجل الرسالة السماوية ـ حتى أصبحت السيدة الأولى بين نساء المسلمين ـ و في ظل هذين الأبوين نشأت فاطمة (سلام الله عليها) و استقبلت منذ طفولتها حدثاً عظيماً تخطى العالم بنوره، و هو الإسلام العظيم ـ و كانت الزهراء إلى جنب أبيها في أحلك الظروف، و هي ترى بأم عينها ما يجري على أبيها من قبل أراذل قريش ـ فتنهمر عيونها بالدموع، فيأتيها الجواب من أبيها ((بنيه إن الله مانع أباك و ناصره على أعداء دينه و رسالته)) و فعلا نصر الله رسوله على أعدائه ـ و هكذا كبرت الزهراء و أشرقت أنوارها بنور أبيها.

و كانت من الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً، و فرض مودتها على كل مسلم، يغضب الله و رسوله لغضبها و هي سيدة نساء العالمين.

اخرج البخاري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال ((يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة)) [صحيح البخاري ،كتاب الاستئذان، باب من ناجى بين يدي الرسول ،ج8، ص22] و قال (صلى الله عليه وآله) « فاطمة بعضة منى فمن أبغضها فقد أبغضني» [المصدر السابق ج5، ص75 ، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب فاطمة] و قال (صلى الله عليه وآله) « إن الله يغضب لغضبك و يرض لرضاك» [مستدرك الحاكم و ميزان الاعتدال، ج2 ، ص72. ابن الأثير في أسد الغابة ،ج5، ص522] و كثير من الأحاديث التي كان يحدث بها رسول الله بحق أبنته فاطمة لكي تعرف الأمة حقها و حق ذريتها .

و لكن ما أن ارتحل الرسول الأعظم من هذه الدنيا ، حتى بدت الويلات تنهال عليها و على زوجها أمير المؤمنين من تلك الويلات و الآهات ، اغتصاب حقها من أبيها (ضيعة فدك) ـ و لا أظن أن انتزاع فدك و سهم ذوي القربى من يدها كان داخلا في حساب القوم لولا موقفها الحازم من الخلافة و قد سلبت شرعيتها من زوجها بعد ما نص على ذلك رسول الله في حياته في حديث الغدير و حديث الثقلين و المنزلة و الولاية و غيرها من الأحاديث التي لا يسع المقام لذكرها (راجع صحيح البخاري و صحيح مسلم) [صحيح مسلم ، كتاب الفضائل، باب فضائل علي(عليه السلام) ، ج4، ص873.. لكنهم أدركوا أن بقاء فدك بيد الزهراء يمدها بالقوة و يؤمن لعلي (عليه السلام) قسطاً من المال يعينه على المضي في موقفه المتصلب فأمر أبو بكر أن ينتزعوا فدكاً من فاطمة ، و لم تكن فدك أرضاً بوراً أو مزرعة صغيرة ، بل كانت تشكل ثروة واسعة كما تؤيد بعض المصادر [سيرة الأئمة الاثنى عشر، هاشم معروف الحسني، ج1، ص112 . و عندما طالبت الصديقة فاطمة(سلام الله عليها) بفدك، لم تطالب بتلك البقعة من ارض الحجاز، بل كانت تلك البقعة من الأرض ترمز إلى السلطة الشرعية لأهل البيت من بعد رسول الله.

و فاطمة (سلام الله عليها) لم تكن تطالب ببقعة من ارض أو بإرث مادي، بل كانت تطالب بالحق الذي جعله الله لعلي (عليه السلام) في خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بعده . و هذا ما أكدته في خطابها الذي ألقته في مسجد أبيها (صلى الله عليه وآله) قالت «لقد زحزحوها عن رواسي الرسالة و قواعد النبوة و مهبط الروح الأمين ـ و مضت تقول ـ و ما الذي نقموا من أبي الحسن ؟! نقموا والله منه نكير سيفه وقلة مبالاته لحتفه وشدة و طأنه و نكال و قعته و تنمره في ذات الله . و استطردت تقول: ليت شعري إلى أي سناد استندوا؟! وإلى أي عماد اعتمدوا ؟! و بأية عروة تمسكوا؟! لبئس المولى و لبئس العشير، و لبئس الظالمين بدلا، استبدلوا و الله الذنابى بالقوادم و العجز بالكاهل، فرغماً لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ألا أنهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون، ويحهم أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدِّي إلا أن يهدى فمالكم كيف تحكمون؟!» [يونس/30 ] إلى غير ذلك من مواقفها التي كانت تركز فيها على الخلافة و التنديد بمؤتمر السقيفة ـ.

و مع كل الشرعية التي تملكها الزهراء (سلام الله عليها) بحكم الوصايا التي استوص بها رسول الله أمته بحق ذريته (قل لا اسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) شورى/23. و كذلك هبته فدكاً للزهراء في حياته ـ كل تلك الأدلة لم تكن لتقف بوجه أبي بكر ـ فتراه يجيب الزهراء (سلام الله عليها) بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لا نورث ما تركناه صدقة البخاري ج1، ص208 ، كتاب الخمس، باب الفرائض.

فالتفت الزهراء (عليه السلام) إلى أبي بكر و قالت:« أفي كتاب الله أن ترث أباك و لا أرث أبى لقد جئت شيئاً فريا، أفعلى عمد تركتم كتاب الله و نبذ تموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول (و ورث سليمان داود) [النمل/16] ويقول (رب هب لي من لدنك وليا، يرثني و يرث من آل يعقوب) [مريم/5-6.و يقول (و أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب) و يقول (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين) أزعمتم أن لا حظوة لي و لا أرث من أبي ولا رحم بيننا أ فخصكم الله بأية أخرج منها أبي . أو لست أنا و أبي من أهل ملة واحدة، أم أنتم أعلم بخصوص القرآن و العموم .. من أبي و ابن عمي فدونك  مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله و الزعيم محمد والموعود القيامة و عند الساعة يخسر المبطلون و لا ينفعكم إذ تندمون، و لكل نبأ مستقر و سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه و يحل عليه عذاب مقيم». راجع خطبتها الرائعة في الاحتجاج ،ج1، ص 253ـ 274 . بلاغات النساء لأبي الفضل البغدادي، ص4، شرح النهج ،لابن أبي الحديد ج4، ص78 ـ 79-93 .أعلام النساء لعمر كحالة ج3، ص1219

و لما أن انتهت من كلامها التفتت إلى قبر أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) و تمثلت بقول هند بنت اثاثة :

قد كان بعدك أنباء و هنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

أبدت رجال لنا نجوى صدورهم * لما مضيت و حالت دونك الترب

تجهمتنا رجال و استُخفّ بنا * إذ غبت عنا فتحن اليوم نغتصب

و لم ير الناس اكثر باك منها.

و عاشت الزهراء بعد أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ستة أشهر، كلها أهات و آلام. رأت بعينها كيف هجم القوم على دارها و احرقوها [راجع حادثة التحريق في تاريخ الطبري، ج3، ص.198 الإمامة و السياسة لابن أبي قتيبة، ج1 ، ص12] .. ثم عصرت بين الباب و الحائط ، واُسقط جنينها المحسن، و كسر ضلعها قنفذ مولى عمر بن الخطاب ، ثم اخرجوا علياً مكتفاً بحمائل سيفه و قد قيدته وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) .

فكل هذه المصائب جرت عليها (عليها السلام) فلم يعد جسمها النحيل يقوى على تحمل تلك الشدائد فلازمت الفراش، و شاع خبر مرضها بين المهاجرين و الأنصار، و ندم القوم على سوء صنيعهم معها، فاقبل أبو بكر و عمر بن الخطاب إلى بيتها نادمين على ما صنعا معها، فأبت أن تأذن لهما و أصرّت على موقفها، فاستجارا بأمير المؤمنين (عليه السلام) و رغبا إليه أن يدخلا عليها عائدين، فعرض عليها طلبهما فلم ترد طلبه، فدخلا و سلما عليها، فلم ترد عليهما و أشاحت بوجهها عنهما و لم تسمح بالحديث معهما، و بعد أن ألحا في طلبهما، سمحت لهما بذلك. فقال أبو بكر (يا حبيبة رسول الله و الله إن لقرابة رسول الله احب إلي من قرابتي، و انك لأحب ألي من عائشة ابنتي، و لوددت يوم مات أبوك أني مُتّ قبله).

عند ذلك التفتت الزهراء (عليها السلام) إليه و قالت : ((نشدتكما الله ،ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة رضاي و سخطها سخطي، و من أحب فاطمة ابنتي فقد أحبتي و من أسخطها فقد أسخطني)) فقالا : أجل لقد سمعناه يقول ذلك، فرفعت عند ذلك كفيها نحو السماء و قالت : ((إني أشهد الله و ملائكته و رسله أنكما أسخطتماني، و لئن لقيت رسول الله لأشكونكما إليه)) [الإمامة و السياسة لابن قتيبة، ص13. أعلام النساء ،ج4، ص123ـ124].

و التفتت إلى أبي بكر و قالت له :  ((لأدعون الله عليك في كل صلاة اصليها مادمت بين الأحياء)) .سيرة الأئمة الاثنى عشر، هاشم معروف الحسني ج1، ص134 ط. منشورات الشريف المرتضى

و لما أحسّت بدنو أجلها استدعت أمير المؤمنين، فأوصته وصيتها و ألحت عليه أن يواري جثمانها في غسق الليل، و أن لا يحضر جنازتها أحد من الذين ظلموها و جحدوا حقها، و أن يُعفى ثراها .

ويقول الكاتب المصري  محمود عباس العقاد و هو يمهد للحديث عن وفاتها، فقد قال: إن في كل دين صورة للأنوثة الكاملة المقدسة يستخشع بتقديسها المؤمنون كأنما هي آية الله من ذكر و أنثى، فإذا تقدست في المسيحية صورة مريم العذراء ففي الإسلام لا جرم أن تتقدس صورة فاطمة البتول.

لقد كانت الزهراء (عليه السلام) نجماً لا معاً في سماء التشيع، و ظل اسم المنتسبين إليها يقض مضاجع الحكام و طغاة العصور عبر مئات السنين ، و كان لأكبر دولة إسلامية شرف الانتساب إليها خلال ثلاثة قرون أو تزيد، بل كان الانتساب إليها من أقوى دعائم الدين ،لأنها بنت نبي و زوجة إمام و أم لإمامين معصومين شهيدين.

منقول من مركز النور

http://www.alnoor.se/article.asp?id=24499


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1025
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 05 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29