• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : نساء أهل البيت (ع) .
                    • الموضوع : الزهراء في القرآن والسنة .

الزهراء في القرآن والسنة

 

 

تقرير سيد حكمت الموسوي

في ذكرى شهادة الصديقة الزهراء (عليها السلام) استضافت دار السيدة رقية (عليها السلام) للقرآن الكريم سماحة السيد رياض الحكيم (حفظه الله)في محاضرة تحت عنوان الزهراء (عليها السلام) في القرآن والسنة  يوم الأربعاء المصادف 13/5/1431من الهجرة النبوية المباركة، استهل سماحته بتلاوة سورة الكوثر، بعدها وجه خطابه الى الشباب حثّهم فيه على وجوب النعمة،قائلاً:

أبنائي  الأعزاء هذه السورة المبارکة  سورة  الکوثر التي ورد في بعض الروايات أنها مرتبطة بالزهراء (عليها السلام) وأن من تطبيقات الکوثر هو البضعة الطاهرة ؛ ولکن السورة کما تحدثت  عن الکوثر تحدثت عن شيء آخر ، وهذا ينبغي أن يکون درساً لنا في حياتنا ... الله سبحانه منَّ على النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله) بالکوثر في مقابل هذه المنّة وطلب من النبي أن يشکر هذه النعمة، الله سبحانه عند، ينعم على الإنسان ينبغي أن يُشکَر على هذه النعمة ، والنعمة ترتبط بأجسادنا ، الصحة السلامة، الفکر السليم المستوى الذهني المقبول فهي کلها نعم من الله تعالى، ونحن نشاهد کثيراً من الناس عندهم ابتلاءات مختلفة، فيفترض أن نشکر الله على هذه النعمة لأن؛ النبي (صلى الله عليه وآله)  الذي هو أحب الخليقة إلى الله تعالى  إذا کان مطالَباً بالشکر على النعمة ، فنحن أيضاً مطالبون أمام الله تعالى بالشکر. فأُنبه أبنائي الأعزاء بالشکر ،أن يشعر الإنسان – أوّلاً – أنّ النعمة لا يمكن تجاهلها؛ في الأسرة،  الجو الصالح، الأصدقاء الجيدين. نحن نؤدي حق هذه النعمة وأنتم وُفرت لکم ظروف وأنتم في بداية حياتکم ، وجزى الله خير القائمين في دار السيدة رقية (عليها السلام)  الذين بذلوا وقتهم في سبيل تعلم القرآن الکريم  تلاوةً وقراءةً  وفي المستقبل إن شاء الله تتطوَّر لديکم العلاقة مع القرآن الکريم، وأنتم ينبغي أن تشکروا هذه النعمة والقائمون على الدار من الأساتذة والمدرسين وکل الذين بذلوا جهداً لکم لکي تأنسوا بالقرآن الکريم وفي المستقبل تنعکس هذه العلاقة إلى نفوسکم (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).

إذن، أداء الحقوق وشکر النعمة هذه من واجبات لکل من يُنعَم عليه، إن شاء الله تکونون أهلاً لذلک ثم توجّه سماحته بخطابه إلى الحضور الكريم منه أساتذة وطلاب وإداريين وضيوف كرام، حيث أشار إلى أن هذه المناسبة الأليمة- مناسبة استشهاد الزهراء (عليها السلام) - أمر مؤسف، والمفترضا أن تُخص هذه المناسبة برعاية الحياة بتلك الصورة المؤلمة والحديث عنها (عليها السلام) حديث طويل. وأشار سماحته إلى مقتطفات منه الآيات الكريمة والروايات الشريفة القائلة بفضل الزهراء(عليها السلام)، طبق المحاور التالية:

 

1- آية التطهير (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) نحن شيعة أهل البيت على الأقل علاقتنا العاطفية واضحة بأهل البيت(عليهم السلام)  العلاقة مع آل البيت وطيدة ويوجد بيننا مَن لا تنعکس على سلوکه معهم (عليه السلام) تلك العلاقة، ولکن على الحالة العاطفية والمحبة هذا متجسد في کل شيعي وهذه مفخرة لنا .

ولکن هنا يأتي سؤال : هل هذه العلاقة ، علاقة عاطفية مجردة أم ترتبط بالمواقف والعقيدة ؟

طبعاً الجانب العاطفي لا يقتصر على آل البيت (عليهم السلام) فکل منا مرتبط بالمجتمع ويقدم خدمات لمجتمعه، عادة تمتد هذه العلاقة في مجتمعه بينه وبين من ينتسب إليه. فکثير من الشخصيات المحبوبة بين المجتمع يحب الشخص نفسه ولکن تمتد مع أهل بيته، فيُقدَّر المجتمع ابن الشخص أو الزعيم المحبوب.

يأتي سؤال هنا :هل إن علاقة الشيعة والمحبين  مع أهل البيت(عليهم السلام) هي بمجرد انتسابهم للنبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) ؟ أم يوجد شيء أعمق من ذلک يرتبط بأشخاصهم  جعلهم يستحقون هذه العلاقة.

 عندما نفراء الآيات والسنة الشريفة نجدها تؤکد أنهم رموز هم بأنفسهم لهم امتياز وخصوصية ولذلک حتى نحن في سيرتنا و مواقفنا ومحقنا تجاه المنتسبين للنبي (صلى الله عليه وآله)نفرق علي أساس هذا الإمتياز .

نحن نحب کل من ينتسب إلى النبي والإمام علي (عليه السلام)ولکن نميز بين هؤلاء المنتسبين .

إبراهيم ابن الرسول (صلى الله عليه وآله) أيضاً نحن نحبه وإن کان مات صغيراً، ولکن هذه العلاقة النَّسبية بينه وبين الرسول هذه تجعل رابطة محبة بيننا وبين الرسول (صلى الله عليه وآله) ولکننا نمَّيز بين إبرهيم وبين شخصية الحسنين حتى في فترة الصبا .

وعندما، نرجع إلى الروايات الواردة عن النبي، فعلى الأقل لا توجد رواية متميزة عن النبي (صلى الله عليه وآله) في فضل إبراهيم ثم النبي حزن علي إبراهيم، نعم إنّ النبي حزن على إبراهيم مثل أي أب يحب ولده « تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما لا يرضي الرب »، بينما عندما نرجع إلى سيرة الحسنين نجد أنهما عندما يأتيان المسجد وهما صبيان أثناء الصلاة وهما يلعبان مع النبي (صلى الله عليه وآله) أثناء سجوده كان(صلى الله عليه وآله) يراعيهما ويداريهما،بينما لم ترد عنه رواية أن إبراهيم جاء يوماً وصعد على متن النبي وهو (صلى الله عليه وآله) راعاه وداراه.

لذلک، يجب أن ننتبه عندما تکون بيننا وبين النبي وآله علاقة عاطفية هل هذه عاطفة مجردة باعتبار انتسابهم للنبي (صلى الله عليه وآله) أم أن  لها بُعداً  عقائدياً باعتبار خصوصية المنتسب للنبي (صلى الله عليه وآله) ؟ فمن جملة الشواهد التي تميز هؤلاء الخمسة  ومن جملتهم السيدة الزهراء (عليها السلام)  هي آية التطهير، فلا يوجد عندنا أي آية أو رواية تتضمن مدحاً أو تطبيقاً على غير هؤلاء من أقرباء النبي (صلى الله عليه وآله) فلا يوجدفي حق إبراهيم أو أبناء النبي أو أبناء خديجة مثل ذلك، مع أنهم کانوا مقربين إليه (صلى الله عليه وآله)، كذلك لايوجد مثل ذلك في حق أشخاص آخرين غير هؤلاء . فمن تطبيقات آية التطهير أننا لا نجد غيرهم (عليهم السلام) داخل في هذا التطبيق .

وأقتصر على رواية ذکرها ابن عبد البر قائلاً نزلت آية التطهير دعا النبي(صلى الله عليه وآله) فاطمة وعلياً وحسناً وحسيناً في بيت أم سلمة، حيث نلاحظ أنه (صلى الله عليه وآله) لم يکن في بيت الزهراء حتى نقول إنه طبق الآية على أشخاص قريبين منه ، هذا امتياز واضح . وقال (صلى الله عليه وآله) : ((اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)). وفي رواية أن أم سلمة  التي من الممدوحات  قالت: يا رسول الله هل أنا منهم ؟ قال : أنک على خير. أي: مقامک لا يصل إلى هؤلاء . هذا بأختصار .

2- آية المباهلة (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)

فأولاً: إن اختيار هؤلا للمباهلة  لم يکن منه (صلى الله عليه وآله) وإنما كان بتوجيه رباني (فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) حيث فيها توجيه. للنبي(صلى الله عليه وآله).

 إذن، اختيار الأشخاص ليس من النبي (صلى الله عليه وآله) حيث يقول بعض الناس إنه يوجد عند النبي (صلى الله عليه وآله) بعض الخصوصيات ليست مما يُوحى إليه مثل: اختياره الطعام ومحبته لولده، فلو کان الإختيار هنا من الله فسوف تزول کل هذه التحليلات .

ثانياً:  نجد التعبير في الآية عن جماعة (فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)

ففي التطبيق نجد أن ليس کل هؤلاء جماعة فالابنان هم اثنان طبقوا على جماعة ولم يشارک ابن ثالث، والإمام علي (عليه السلام) «أنا وأنت أَبَوا هذه الأمة» فهما اثنان، وأما النساء فالزهراء هي واحدة فمعناه هنا تأکيد وتشديد على دقة التطبيق وإن کان العدد مختلفاً.

 ثالثاً : تعبير النساء (نساءنا) في العرف قد يکون المصداق الأبرز هو الزوجة أما في الآية لم تطبق (نساءنا) على أي زوجة من زوجاته (صلى الله عليه وآله) فيوحي هذا حتى لو کان التعبير قد يوحي بشيء لکن التطبيق کان ربانياً فلا بد أن يقتصر فيه على ما أراده الله سبحانه وتعالى .

ومن هنا نعرف شيء آخر : أنه لها (عليها السلام) فضلاً دنيوياً على المسلمين؛ لأن الله دفع بها وبباقي  أعضاء المباهلة – الوفد النبوي – عن المسلمين في الدنيا، أي: نشکر شکراً خاصاً لمن أنقذ حياتنا،  فلها فضل  على المسلمين جيلاً بعد جيل .

هنا يأتي سؤال : کيف کانت ردة فعل المسلمين تجاه هذا الفضل؟ هل کانت بمستوى هذا الفضل ؟ هذا شيء يحز في النفس.

 الآية الثالثة قوله تعالى (الصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)

عن ابن عباس : أنها عندما نزلت قال : يا رسول الله من هم قرابتک الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال (صلى الله عليه وآله)  : علي وفاطمة وابناهما . هذه الآية فيها بحث طويل نشير هنا سريعاً .

نشاهد کل الأنبياء في القرآن عندما يُسألون عن الأجر يقولون : (قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) .في عدة آيات قرآنية .

فلماذا اختص النبي بتکريم ومودة ذوي قرباه مع أنه هو أکثر الأنبياء تجّرداً في طلب الأجر الدنيوي في مقابل أداء رسالته . فکيف يقول ذلک ؟

هذا يکشف لنا أن المودة في القربى ليست لمجرد کونها مودة ومحبة، ولکنها  مرتبطة بحفظ هذه الرسالة خلافاً لباقي الأنبياء الذين لديهم محبة  عادية.

 يعني أيها المسلمون النبي محمّد (صلى الله عليه وآله) تحمل هذا الحمل الثقيل ، فهو أدى الرسالة خيرء أداء وأوذي فعليکم أن تتحملوا مسؤوليتکم بحفظ المودة مع أهل بيته.  إذن، هي علاقة تتعلق بحفظ جهود النبي (صلى الله عليه وآله)، وإلا ليس من المقبول أنه يطالب الأمة بمجرد الحب .

4- قوله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)

يوجد هنا ثناء واضح لآل البيت لموقفهم النبيل من هؤلاء المحتاجين والمضطرين ويجب علينا الإقتداء بهم في ذلک . ولکن أنبه على فضيلة خاصة للزهراء (عليها السلام)في هذه الآية . نحن نعرف أن المرأة عادة عاطفتها تجاه صبيانها تتأجج أکثر من الزوج . فلو کان فقط الإمام علي معها وآثرا على أنفسهما فإننا نقول حينئذٍ لا فرق . ولکن حينما يمتد إلى الصبيان، فمن الذي يتأثر في ذلک ويتأثر عاطفياً أکثر الأب أم الأم ؟

ويوجد في المجتمع عندما يمرض الطفل مرضاً شديداً ويقول الطبيب مثلاً انه يجب أن نعمل له عملية جراحية معقدة  فمن يتأثر أکثر الأم أم الأب؟ نجد أن الأم  تتأثر أکثر من الأب .

وايثار الحسنين وهما صغيران کان وقعهما على الإمام أکثر أم على الزهراء ؟ فهي کيف صبرت وهي ترى صبيَّاها يتضَّوران جوعاً ؟ هذا يکشف عن امتياز خاص للزهراء(عليها السلام)  فکثير من النساء على استعداد انها تضحي بنفسها ولکن لا تضحي بأبنائها، فکانت الزهراء (عليها السلام) تستطيع أن تحفظ طعام الحسنين ولکنها استمرت على هذه المهمة  النبيلة لتمدحها الآية مدحاً خالداً .

5- قوله تعالى:  (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا)

تصرّح الروايات أنه  عندما نزلت هذه الآية فإنه (صلى الله عليه وآله)أعطى الزهراء فدکاً . فقد يقول البعض: إن هذا أمر ليس مهم .

نقول : حتى هذه الآية تصلح أن تکون آية فضيلة للزهراء (عليها السلام)، لماذا ؟ نقول بأن الإمتيازات الدنيوية ورد تجاهلها في الکتاب والسنة ، الحياة وما فيها لا تسوي عند الله شيئاً .

فکيف عندما وصلت القضية للزهراء نزلت آية توجه النبي (صلى الله عليه وآله)وترشده أنه يراعي حق الزهراء حتى في هذا الحق المادي في حال أنها لم تطلب من أبيها ذلک.

 إذن نرى حتى هذا الأمر الذي لا قيمة له عند النبي (صلى الله عليه وآله) والصالحين عندما ارتبط بالزهراء(عليها السلام)  نزلت فيها آية کريمة .

هذا يدعونا إلى التمعن اکثر حتى نستخرج ونكشف  أكثر من النكات المهمة التي تشير إليها آيات كثيرة من القرآن الكريم.

 

نسأله تعالى أن يبصّرنا ويبصّر إخواننا المسلمين لما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة كما نسأله سبحانه تعالى أن يعجّل في فرج إمامنا المنتظر ويجعلنا وجميع إخواننا من أنصاره وأعوانه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

التقرير الصوري:

 

 

 

 

 

  

 

 

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1014
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 05 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28