• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المشرف العام .
              • القسم الفرعي : مقالاته .
                    • الموضوع : فاطمة الزاهرء ومريم العذراء(سلام الله عليهما) .

فاطمة الزاهرء ومريم العذراء(سلام الله عليهما)

الشيخ عبد الجليل المكراني

(إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)(1).

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين، وسيدة نساء هذه الأمة، وسيدة نساء المؤمنين)(2).

عندما يتحدث التاريخ عن الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) تجد نفس الحديث عن مريم العذراء و الخصائص التي اختصت بها مريم(عليها السلام) ،ومن جهة أخرى نلاحظ التفضيل الحاصل من قبل النبي لفاطمة (عليها السلام) على مريم سلام الله عليها. ونحن إذ نتعرض لخصائص مريم إنّما من باب أنّ هذه الخصائص هل هي موجودة عند الزهراء بما أنّها أفضل أولا؟

إن المتتبع لخصائص مريم(عليها السلام) يدرك أن لها ذلك المقام الذي لا يحصل  عليه إلا من كانت عنده مكانة عند الله سبحانه وتعالى، ومن تلك الخصائص :

1- التحديث

(إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)

هذا يشهد أنّ مريم أوحي إليها وكلّمتها الملائكة، ولم تكن نبياً ولا رسولاً، فالتحديث لم يقتصر على النبوة بل يكفي فيه أنّه من حجج الله سبحانه وتعالى أو لغرض الهي.

وهذا التحديث قد حصل لأم موسى (عليه السلام)، قال تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)(3).

وقد ورد عن أهل بيت العصمة عن أنّ فاطمة محدَّثة، كما ورد عن الصادق (عليه السلام): (إنما سميت فاطمة محدَّثة لأن الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران  فتقول: يا فاطمة إنّ الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين، يا فاطمة اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ، فتحدّثهم و يحدّثونها ، فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضلة  على نساء العالمين مريم بنت عمران؟ فقالوا: أنّ مريم كانت سيدة نساء عالمها، وإنّ الله عزّ وجل جعلك سيدة  نساء عالمك وعالمها، وسيدة نساء الأولين والآخرين)(4) .

2- حجية مريم بنت عمران(عليها السلام)

وحجية مريم مما صرح به القرآن بقوله تعالى : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً)(5). والآية هي الحجة، أي جعلنا عيسى (عليه السلام) وأمه حجة، كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن هذه الآية قال: (أي حجة)(6).

فحجيتها في عرض حجية عيسی (عليه السلام) بل أسبق ؛ من حيث أنها المبلغ الأول لبعثة النبي عيسی وشريعته ، حيث إنّها أُمرت من قبل الله تعالی بتحمل مسؤلية الإنجاب بطريقة المعجزة من دون بعل ، ليمهد الطريق لبيان المعجزة لنبوة عيسی وشريعته ، فما جری للسيدة مريم (عليها السلام) من المخاطرة بحرمتها وقدسيتها لأجل هذه الحجية ، لأجل نبوة عيسی (عليه السلام)  .

هذا ما کان لمريم  من الحجية ، فهل للزهراء مثل هذا ؟ نعم ، فهي حجة علی الخلق ، فلقد کانت الفصل للحق والباطل کما في آية المباهلة ، فمباهلة النبي بعلي وفاطمة والحسن والحسين يعني احتجاجه علی النصاری بهؤلاء الذين هم الحجة علی صدق نبوة الرسول (صلى الله عليه وآله) ، کما کانت مريم ومن خلال حملها حجة علی نبوة عيسی (عليه السلام)  .

وأيضاً مما روي أنّ فاطمة حجة ما عن الباقر (عليه السلام) قوله : (ولقد کانت (عليها السلام)  مفروضة الطاعة علی جميع من خلق الله من الجن والإنس والطير والوحش والأنبياء والملائکة) (7) .

3- الاصطفاء لمريم (عليها السلام)

ولقد اصطفيت مريم وطهرت لقابليتها للاصطفاء وقدرتها علی تلقي إرادات الله تعالی ، وکانت هذه القابلية لمريم (عليها السلام)  لما نذرت نفسها لطاعة الله وعبادته والانقطاع له سبحانه وتعالی ، ولقد کان هذا الإعداد لکي تکون مريم بهذه المکانة تحت رعاية الله سبحانه وتعالی وبقيمومة زکريا (عليه السلام)  الذي أو کل بمهمة الإعداد هذه .

فهل کان لفاطمة مثل هذا الاصطفاء من قبل السماء ؟ نعم ، وهذا ما صرحت به الأحاديث الدالة علی إعداد النبي لها لتلقيهذه الکرامة ، کما ذکرنا سابقاً من الأحاديث الدالة علی تحديث فاطمة (عليها السلام) من قبل الملائکة .

ولکن نقول : هذه خصائص شارکت فاطمة (عليها السلام) فيها مريم بنت عمران ، وعلی ذلک فاطمة فُضّلت بخصائص لم تکن لمريم (عليها السلام)  ، وهي :

1-سيدة نساء العلمين وسيدة نساء أهل الجنة .

2-أول من يدخل الجنة .

ويکفينا هنا من فضلها ما روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، حيث  قال لفاطمة : (يا بنية ! إنّ الله أشرف علی الدنيا فاختارني علی رجال العالمين ، ثم اطلع ثانية فاختار زوجک علی رجال العالمين ، ثم اطلع ثالثة فاختارک علی نساء العالمين ، ثم اطلع رابعة فاختار ابنيک علی شباب العالمين)(8).

قال الإمام الصادق (عليه السلام)  : (لو لا أن الله تعالی خلق أمير المؤمنين لم يکن لفاطمة کفء علی وجه الأرض ، آدم فمن دونه ) (9).

ـــــــــــــــــ

1 - آل عمران:45.

2 - المستدرك على الصحيحين3: 170/4740،مسند أبي داود: 167،كنز العمال12: 110.

3 - القصص: 7.

4 - علل الشرائع1: 216/1.

5 - المؤمنون: 50.

6 - تفسير البرهان3: 113.

7 - عوالم العلوم : 190، دلائل الإمامة : 30 .

8 - بحار الأنوار 43 : 12 .

9  - الکافي 1: 461/10 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2  : 203 .


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1003
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 04 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29