هل نفعت كل المقويات لبقاء سورتي الخليفة ؟!
أكبر نجاح حققته سورتا الخلع والحفد أنهما سببتا التشويش على سورتي المعوذتين كما سترى ! وأنهما دخلتا في فقه إخواننا السنة على أنهما دعاء القنوت المأثور ، كما رأيت !
ولعل أكبر نجاح أمكن تحقيقه لهما كان على يد السلطة الأموية ، التي تبنت قراءتهما مدة لا تقل عن نصف قرن على أنهما سورتان من القرآن ! حيث تدل الروايات على أنهما عاشتا بالمقويات في حكم بني أمية .. ثم ماتتا ؟!
روى السيوطي في الإتقان ج 1 ص 227 ( وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي إسحاق قال : أمنا أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان فقرأ بهاتين السورتين : إنا نستعينك ، ونستغفرك ) !! انتهى .
وعندما يقول أحد : صلى فلان بنا فقرأ بسورتي كذا وكذا فمعناه قرأهما على أنهما قرآن ، فقرأ إحداهما في الركعة الأولى والثانية في الركعة الثانية .
ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج 7 ص 157 وصححه ، قال :
( وعن أبي إسحق قال أمنا أمية ابن عبدالله بن خالد بن أسيد بخراسان فقرأ بها من السورتين إنا نستعينك ونستغفرك قال فذكر الحديث . رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ! )
قال ابن الأثير في أسد الغابة ج 1 ص 116 ( وأما أمية بن عبدالله فإن عبد الملك استعمله على خراسان، والصحيح أنه لا صحبة له .. وقد ذكر مصنفوا التواريخ والسير أمية وولايته خراسان وساقوا نسبه كما ذكرناه . وذكر أبو أحمد العسكري عتاب بن أسيد بن أبي العيص ثم قال: وأخوه خالد بن أسيد وابنه أمية بن خالد. ثم قال في ترجمة منفردة : أمية بن خالد بن أسيد ذكر بعضهم أن له رواية وقد روى عن ابن عمر ) .
وترجم له البخاري في تاريخه الكبير ج 2 ص 7 والرازي في الجرح والتعديل ج 2 ص 301 والمزني في تهذيب الكمال ج 3 ص 334 وقال ( عن سعيد بن عبدالعزيز : دعا عبد الملك بغدائه فقال : أدع خالد ابن يزيد بن معاوية ، قال : مات يا أمير المؤمنين . قال أدع ابن أسيد ، قال : مات يا أمير المؤمنين . قال أدع روح بن زنباع ، قال : مات يا أمير المؤمنين . قال إرفع ، إرفع . قال أبو مسهر : فحدثني رجل قال: فلما ركب تمثل هذين البيتين :
ذهبت لداتي وانقضت آثارهم وغبرتُ بعدهم ولست بغابرِ
وغبرت بعـدهـم فأسكـن مرة بطن العقيـق ومـرة بالظاهـرِ
قال خليفة بن خياط : وفي ولاية عبدالملك ، مات أمية بن عبدالله بن خالد بن أسيد. وقال الحافظ أبوالقاسم : بلغني أن أمية بن خالد ، وخالد بن يزيد بن معاوية وروح بن زنباع ، ماتوا بالصنبرة في عام واحد . وبلغني من وجه آخر أن روحاً مات في سنة أربع وثمانين . وقال أبوبشر الدولابي : حدثني أحمد بن محمد بن القاسم ، حدثني أبي ، حدثني أبوالحسن المدائني، قال: سنة سبع وثمانين ، فيها مات أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد . روى له النسائي وابن ماجة حديثاً واحداً ) انتهى .
ويظهر من ترجمة أمية أنه نشأ في مكة كغيره من بني أمية ، ثم وفد على عبد الملك فجعله من ندمائه وسكن في الشام حتى عدوه في الشاميين ، ثم ولاه عبد الملك خراسان.. فالقصة التي يرويها الطبراني عنه بسند صحيح كما يشهد السيوطي لابد أن تكون بعد أكثر من نصف قرن من وفاة الخليفة عمر !!
وهذا يقوي أن تكون السلطة الأموية قد تبنت سورتي الخليفة كسورتين أصيلتين من القرآن ، وتبنت كتابتهما في المصحف بدل المعوذتين اللتين ليستا في رأيهم أكثر من عوذتين كان النبي(ص) يعوذ بهما الحسن والحسين (ص) ، كما سنرى !
لكن مع كل هذه الجهود الرسمية لدعم هذين النصين الركيكين ، فإن قوة القرآن الذاتية قد نفتهما عنه كما تنفي النار عن الذهب الزبد والخبث .. وتجلى بذلك أحد مصاديق قوله تعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ، وكفى الله المسلمين شر سورتي الخلع والحفد والحمد لله ، ولم يبق منهما إلا الذكرى السيئة لمن أراد أن يزيدهما على كتاب الله تعالى !! وإلا الدعاء في فقه إخواننا ، والحمد لله أنهما صارتا دعاء من الدرجة الثانية ، لأن الدعاء الذي رووه عن الإمام الحسن(ع) أبلغ منهما ! |