التقية سند للشيعة أم عليهم ؟
هيأ خصوم الشيعة من أمثال إحسان ظهير جواباً لفتاوى مراجع الشيعة ، فقالوا للسنة : لا تصدقوهم فإنهم يعتقدون بالتقية ، والتقية هي الكذب والخداع ، وعلماء الشيعة يكذبون ولا يعتقدون بالقرآن، بل عندهم قرآن آخر !!
يعني ذلك أن شخصاً يقول لك : أنت كافر !
فتقول له : كلا أنا مسلم أؤمن بالشهادتين .. أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ..
فيقول لك : كلا إنك تكذب !
فتقول له : والله العظيم إني مسلم !
فيقول لك : كلا إنك تعتقد بأن الكذب حلال !
فتقول له : حسناً ، يابن الحلال ، كيف أثبت لك أني مسلم ؟
فيقول لك : لا تستطيع أن تثبت ذلك ، لأنك تعتقد بأن الكذب حلال للتقية !!
أيها الأخوة الصادقون الذين تعتقدون بأن الكذب حرام : هل الإيمان بالله تعالى أكبر أم الإيمان بكتابه ؟ فكيف اكتفى الله تعالى من الناس أن يتلفظوا بالشهادتين ولو تحت السيف ، وقبل منهم الإسلام وعاملهم معاملة المسلمين ، وأنتم لا تقبلون من الشيعة كلامهم ، وإعلانهم ، وأَيْمانَهُم ، وفتاوى مراجعهم ، وواقع ملايينهم ؟!
تلك هي صورة من محنة الشيعة مع خصومهم قديماً وحديثاً ..
أما قصة التقية التي يقولون ، فهي قصة إرهاب الظالم ومداراة المظلوم ليحفظ دمه .. إنها قصة تقتيل الحكام وعوامهم للشيعة تقتيلاً بالجملة ومجازر بلا رحمة ، لمجرد أنهم شيعة أهل بيت النبي(ص) ! فيضطر الشيعة أن يداروهم ليحفظوا دماءهم من السفك ، وأعراضهم من الهتك ، وأموالهم من الغارة !!
فإن كان في التقية عار وشنار ، فأيهما أولى بعارها وشنارها : الظالم أو المظلوم ؟
ألا تعجب لمن لا يتحمل مخالفتك له في الرأي فيصادر حريتك ، ويكم فمك ، ويصوِّب رصاصه الى رأسك ، ويضع شعلة ناره على باب بيتك .. ثم يقول لك : إنك كذاب جبان لأنك تداريني ، وأنا شجاع صادق لأني لا أداريك !!
إن التقية سند مظلومية الشيعة من بعد النبي(ص) الى يومنا هذا ، وهي سند يدين الذين اضطهدوا الشيعة .. ولكن هؤلاء ( الباحثين ) الموضوعيين يريدون أن يقلبوا الواقع ويجعلوها سنداً لإدانة الشيعة !!
والتقية سيرة العقلاء في كل المجتمعات مع المتسلط والحاكم ، عندما تصادر حرياتهم ويواجهون الخوف على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم ، فتراهم يدارون الظالم ليسلموا من شره .. فهل صارت مداراة الظالم سبة ؟ وصار ظلمه مكرمة ؟!
والتقية عندنا حكم شرعي علمنا إياه أئمتنا عترة النبي(ع) أننا إذا ابتلينا بإرهاب جسدي أو إرهاب فكري . . فلا يجب على أحدنا أن يقتل نفسه، بل يجوز له أحياناً، أو يجب عليه أحياناً ، أن يداري الإرهابي ويتعايش معه . وقد تحرم عليه التقية أحياناً ، ويجب عليه أن يجهر بعقيدته ويقاوم حتى يستشهد !
والتقية جزء من مذهبنا لا ننكرها ، لأنها جزء من الإسلام لا يمكن لأحد أن ينكرها.. فقد أجاز الله تعالى من أجلها إظهار كلمة الكفر أمام الكفار لدفع شرهم وخطرهم، فقال تعالى : من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ـ النحل ـ 106 وقال تعالى : لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير ـ آل عمران ـ 28ومن التقية ما يحرم عندنا مطلقاً ولا يجوز بحال وهي ما يترتب عليه قتل شخص آخر، فيجب على الشيعي أن يتحمل هو القتل ولا يسببه لغيره ، لأنه لا تقية في الدماء.. بينما يفتي كثير من فقهاء إخواننا السنة لمن يقلدهم بالتقية لنجاة نفسه حتى لو سبب ذلك قتل غيره !
فيا أيها الطاعنون على الشيعة لاعتقادهم بالتقية ، إرفعوا عنهم سيوف ظلمكم ، وأعطوهم حقهم في الأمن والتعبير عن الرأي حتى يتركوا التقية وتنتهي حاجتهم إليها . . فإذا وجد جو الأمن الإسلامي ، أو جو الحرية الإنساني ، واتسعت الصدور لسماع آراء الموافق والمخالف .. فقد ارتفعت الضرورة التي من أجلها شرع الله التقية |