• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : تفسير نور الثقلين ( الجزء الرابع ) ، تأليف : الشيخ عبد على بن جمعة العروسي الحويزي .
                    • الموضوع : سورة القصص .

سورة القصص

سورة القصص

بسم الله الرحمن الرحيم

1 - في كتاب ثواب الاعمال باسناده عن أبى عبدالله عليه السلام قال: من قرأ سور الطواسين الثلاث في ليلة الجمعة كان من أولياء الله وفى جواره وكنفه، لم يصبه في الدنيا بؤس أبدا، وأعطى في الاخرة حتى يرضى وفوق رضاه، وزوجه الله مأة زوجة من الحور العين.

2 - في مجمع البيان وروى أبوبصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال، من قرأ الطواسين الثلاث وذكر مثله وزاد في آخره: وأسكنه الله في جنة عدن وسط الجنة مع النبيين والمرسلين والوصيين الراشدين.

3 - ابى بن كعب عن النبى صلى الله عليه واله قال: ومن قرء طسم القصص اعطى من الاجر عشر حسنات بعدد من صدق بموسى وكذب به، ولم يبق ملك في السموات والارض الا شهد له يوم القيامة انه كان صادقا، ان كل شئ هالك الا وجهه.

___________________________________

(1) الاذخر: نبات طيب الرائحة.

[ * ]

[107]

4 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: أعطيت طه والطواسين من ألواح موسى.

5 - في كتاب معانى الاخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثورى عن الصادق عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: واما طسم فمعناه أنا الطالب السميع المبدئ المعيد.

6 - في تفسير على بن ابراهيم ثم خاطب الله عزوجل نبيه صلى الله عليه واله فقال: نتلو عليك يا محمد من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون ان فرعون علا في الارض وجعل اهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح ابنائهم ويستحيى نساء‌هم انه كان من المفسدين فاخبر الله عزوجل نبيه صلى الله عليه واله بما لقى موسى عليه السلام وأصحابه من فرعون من القتل والظلم، ليكون تعزية له فيما يصيبه في أهل بيته صلوات الله عليهم من امته، ثم بشره بعد تعزيته انه يتفضل عليهم بعد ذلك ويجعلهم خلفاء في الارض وائمة على امته، ويردهم إلى الدنيا مع أعدائهم حتى ينتصفوا منهم، فقال جل ذكره: ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الارض ونرى فرعون وهامان وجنودهما وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم وقوله منهم اى من آل محمد ما كانوا يحذرون اى من القتل والعذاب ولو كانت هذه نزلت في موسى عليه السلام وفرعون لقال ونرى فرعون وهامان وجنودهما منه ما كانوا يحذرون اى من موسى ولم يقل منهم، فلما تقدم قوله: (نريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة) علمنا ان المخاطبة للنبى صلى الله عليه واله وما وعد الله به رسوله فانما يكون بعده.

والائمة يكونون من ولده، وانما ضرب الله هذا المثل لهم في موسى و بنى اسرائيل وفى اعدائهم بفرعون وهامان وجنودهما، فقال: ان فرعون قتل بنى اسرائيل فظفر الله موسى بفرعون وأصحابه حتى أهلكهم الله، وكذلك أهل بيت رسول الله أصابهم من أعدائهم القتل والغصب ثم يردهم الله ويرد اعدائهم إلى الدنيا حتى يقتلوهم.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه يمكن ارادة موسى وفرعون وارادة أهل البيت

[108]

وأعدائهم، وما قيل انه مانع لا منع فيه كما يظهر بأدنى تأمل على ارادة كل من المعنيين في الظاهر والباطن، كما نطقت به الاخبار الكثيرة عنهم عليهم السلام وقد ذكرنا في هذا الكتاب من ذلك ما فيه كفاية لمن تتبعه، ووقف على طريقهم عليهم السلام ويؤيد ذلك ما رواه في الكافى باسناده إلى حفص بن غياث قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: يا حفص ان من صبر صبر قليلا، وان من جزع جزع قليلا إلى ان قال عليه السلام: ثم بشر في عترته بالائمة ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه: (وجعلنا منهم ائمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) فعند ذلك قال صلى الله عليه واله: الصبر من الايمان كالرأس من الجسد فشكر الله عزوجل ذلك له فأنزل الله عزوجل: (وتمت كلمة ربك الحسنى على بنى اسرائيل ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون) فقال صلى الله عليه واله: انه بشرى وانتقام مع ما رواه في اصول الكافى في كتاب فضل القرآن مسندا عن رسول الله صلى الله عليه واله من قوله وقد ذكر القرآن وله ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم ظاهره أنيق وباطنه عميق.

7 - في تفسير على بن ابراهيم متصل بقوله: حتى يقتلوهم وقد ضرب امير المؤمنين عليه السلام في اعدائه مثلا ما ضرب الله لهم في أعدائهم بفرعون وهامان، فقال: يا ايها الناس ان اول من بغى على الله عزوجل على وجه الارض عناق بنت آدم عليه السلام خلق الله لها عشرين اصبعا لكل اصبع منها ظفران طويلان كالمنجلين العظيمين(1) وكان مجلسها في الارض موضع جريب، فلما بغت بعث الله عزوجل لها اسدا كالفيل، وذئبا كالبعير ونسرا كالحمار، وكان ذلك في الخلق الاول فسلطهم الله عزوجل عليها فقتلوها، الا وقد قتل الله عزوجل فرعون وهامان وخسف الله تعالى بقارون، وانما هذا المثل لاعدائه الذين غصبوا حقه فأهلكهم الله، ثم قال علي صلوات الله عليه على أثر هذا المثل الذى ضربه: وقد كان لى حق حازه دونى من لم يكن له ولم أكن أشركه فيه ولا توبة له الا بكتاب منزل او برسول مرسل، وانى له بالرسالة بعد

___________________________________

(1) المنجل - كمنبر: آلة من حديد عكفاء يقضب به الزرع [ * ]

[109]

رسول الله صلى الله عليه واله، ولا نبى بعد محمد، فانى يتوب وهو في برزخ القيامة، غرته الامانى وغره بالله الغرور، وقد أشفى على جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدى القوم الظالمين، وكذلك مثل القائم عليه السلام في غيبته وهربه واستتاره مثل موسى عليه السلام خائفا مستترا إلى أن يأذن الله في خروجه، وطلب حقه وقتل أعدائه في قوله: (اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير * الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق) وقد ضرب الحسين بن على عليهما السلام مثلا في بنى اسرائيل بذلتهم من أعدائهم.

8 - حدثنى أبى عن النضربن سويد عن عاصم بن حميد عن أبى عبدالله عليه السلام قال: لقى المنهال بن عمر على بن الحسين عليهما السلام فقال له: كيف أصبحت يا ابن رسول الله؟ فقال: ويحك اما آن لك ان تعلم كيف أصبحت؟ أصبحنا في قومنا مثل بنى اسرائيل في آل فرعون، يذبحون أبنائنا ويستحيون نسائنا، وأصبح خير البرية بعد محمد صلى الله عليه واله يلعن على المنابر، وأصبح عدونا يعطى المال والشرف، وأصبح من يحبنا محقورا منقوصا حقه، وكذلك لم يزل المؤمنون، وأصبحت العجم تعرف للعرب حقها بان محمدا كان منها، وأصبحت العرب تعرف لقريش بأن محمدا صلى الله عليه واله كان منها، وأصبحت قريش تفتخر على العرب بان محمدا صلى الله عليه واله كان منها، وأصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمدا صلى الله عليه واله كان منها، وأصبحنا أهل البيت لا يعرف لنا حق فهكذا أصبحنا يا منهال.

9 - في مجمع البيان وقال سيد العابدين على بن الحسين عليهما السلام: والذى بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا ان الابرار منا أهل البيت وشيعتهم بمنزلة موسى وشيعته و ان عدونا وأشياعهم بمنزلة فرعون وأشياعه.

10 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها(1) وتلا عقيب ذلك (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة

___________________________________

(1) الشماس: مصدر شمس الفرس: اذا منع من ظهره: والضروس: الناقة السيئة الخلق تعض حالبها.

[ * ]

[110]

ونجعلهم الوارثين).

11 - في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى محمد بن الحسين عن أبيه عن جده عن على عليه السلام في قوله: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض و نجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين) قال: هم آل محمد يبعث الله مهديهم بعد جهدهم فيعزهم ويذل عدوهم.

12 - في اصول الكافى الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن أبان بن عثمان عن أبى الصباح الكنانى قال: نظر أبوجعفر عليه السلام إلى أبى عبدالله عليهما - السلام يمشى فقال: ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عزوجل: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين).

13 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى حكيمة قالت: لما كان اليوم السابع من مولد القائم عليه السلام جئت إلى أبى محمد عليه السلام فسلمت عليه وجلست فقال: هلمى إلى ابنى، فجئت بسيدى وهو في الخرقة ففعل به كفعله الاول ثم أدلى لسانه في فيه كأنما يغذيه لبنا وعسلا، ثم قال: تكلم يا بنى قال: أشهد ان لا اله الا الله وثنى بالصلوة على محمد وعلى أمير المؤمنين وعلى الائمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين حتى وقف على أبيه عليه السلام ثم تلا هذه: (بسم الله الرحمن الرحيم ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الارض ونرى فرعون وهامان و جنودهما منهم ما كانوا يحذرون) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

14 - في كتاب معانى الاخبار باسناده إلى محمد بن سنان عن مفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ان رسول الله صلى الله عليه واله نظر إلى على والحسن والحسين عليهم السلام فبكى وقال: أنتم المستضعفون بعدى.

قال المفضل: فقلت له: ما معنى ذلك يا ابن رسول الله؟ قال قال: معناه انكم الائمة بعدى ان الله عزوجل يقول: (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين) فهذه الاية جارية فينا إلى يوم القيامة.

[111]

15 - في امالى الصدوق رحمه الله باسناده إلى على عليه السلام قال: هى لنا أو فينا هذه الاية (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين).

16 - في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة نور الله مرقده باسناده إلى حكيمة حديث طويل تذكر فيه مولد القائم عليه السلام تقول فيه: وقد ذكرت ام القائم عليه السلام وجلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة، فقبضت على كفى وغمزته غمزة شديدة ثم أنت أنة وتشهدت ونظرت تحتها فاذا أنا بولى الله صلى الله عليه متلقيا الارض بمساجده، فأخذت بكتفيه فأجلسته في حجرى واذا هو نظيف مفروغ منه، فنادانى أبومحمد عليهما السلام يا عمة هلمى فايتينى بابنى، فأتيته به فتناوله وأخرج لسانه فمسحه على عينيه ففتحها، ثم أدخله في فيه فحنكه ثم أدخله في أذنيه وأجلسه في راحته اليسرى فاستوى ولى الله جالسا فمسح يده على رأسه وقال له: يا بنى انطق فقدره الله، فاستعاذ ولى الله من الشيطان الرجيم واستفتح: (بسم الله الرحمن الرحيم ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) وصلى على رسول الله وأمير المؤمنين والائمة عليهم السلام واحدا واحدا حتى انتهى إلى أبيه، فناولنيه أبومحمد عليه السلام وقال: يا عمة رديه إلى امه حتى تقر عينها ولا تحزن ولتعلم ان وعد الله حق ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

17 - في تفسير على بن ابراهيم واما قوله عزوجل: واوحينا إلى ام موسى ان ارضعيه فاذا خفت عليه فالقيه في اليم ولا تخافى ولا تحزنى انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين فانه حدثنى أبى عن الحسن بن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: انه لما حملت به امه لم يظهر حملها الا عند وضعها له، و كان فرعون قد وكل بنساء بنى اسرائيل نساء من القبط يحفظونهن وذلك انه كان لما بلغه عن بنى اسرائيل انهم يقولون انه يولد فينا رجل يقال له موسى بن عمران يكون هلاك فرعون وأصحابه على يده فقال فرعون عند ذلك: لاقتلن ذكور أولادهم

[112]

حتى لا يكون ما يريدون، وفرق بين الرجال والنساء، وحبس الرجال في المجالس فلما وضعت ام موسى بموسى عليه السلام نظرت اليه وحزنت عليه واغتمت وبكت وقالت: يذبح الساعة؟ فعطف الله عزوجل قلب الموكلة بها عليه فقالت لام موسى: مالك قد اصفر لونك؟ فقالت: أخاف أن يذبح ولدى، فقالت: لا تخافى وكان موسى لا يراه أحد الا أحبه، وهو قول الله (والقيت عليك محبة منى) فأحبته القبطية الموكلة بها وأنزل الله على أم موسى التابوت.

ونوديت امه ضعيه في التابوت فاقذفيه في اليم وهو البحر ولا تخافى ولا تحزنى انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين فوضعته في التابوت و اطبقته عليه والقته في النيل.

18 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله عن النبى صلى الله عليه واله حديث طويل يقول فيه صلى الله عليه واله مخاطبا لجمع من أصحابه: وعلمتم ان موسى بن عمران كان فرعون في طلبه يشق بطون الحوامل ويذبح الاطفال ليقتل موسى، فلما ولدته امه أمرت أن تأخذه من تحتها وتقذفه في التابوت، وتلقى بالتابوت في اليم، فقالت وهى ذعرة من كلامه: يا بنى انى أخاف عليك الغرق، فقال لها: لا تحزنى ان الله رادنى اليك فبقيت حيرانة حتى كلمها موسى فقال لها: يا ام اقذفينى في التابوت والقى التابوت في اليم فقال: ففعلت ما أمرت به فبقى في التابوت في اليم إلى أن قذفه في الساحل ورده إلى امه برمته لا يطعم طعاما ولا يشرب شرابا معصوما وروى ان المدة كانت سبعين يوما وروى سبعة أشهر.

19 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سدير الصيرفى عن أبى عبدالله عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام اما مولد موسى عليه السلام فان فرعون لما وقف على ان زوال ملكه على يده أمر باحضار الكهنة فدلوه على نسبه، وانه يكون من بنى اسرائيل.

و لم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بنى اسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود، وبعد عليه الوصول إلى قتل موسى عليه السلام بحفظ الله تبارك وتعالى اياه.

20 - وباسناده إلى حكيمة بنت محمد بن على بن موسى الرضا عمة أبى محمد الحسن عليهم السلام انها قالت كنت عند أبى محمد عليه السلام فقال: بيتى الليلة عندنا فانه سيلد

[113]

الليلة المولود الكريم على الله عزوجل الذى يحيى به الله عزوجل الارض بعد موتها، فقلت: ممن يا سيدى؟ ولست أرى بنرجس شيئا من أثر الجعل، فقال: من نرجس لا من غيرها، قالت: فوثبت اليها فقلبتها ظهر البطن فلم أر بها أثر الحبل، فعدت اليه عليه السلام فاخبرته بما فعلت فتبسم ثم قال لى: اذا كان وقت الفجر يظهر لك الحبل لان مثلها مثل ام موسى لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لان فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى وهذا نظير موسى عليه السلام وقالت حكيمة في اواخر هذا الحديث: لما ولد القائم عليه السلام صاح بى ابومحمد فقال: يا عمتاه هاتيه فتناولته واتيت به نحوه، فلما مثلته بين يدى أبيه وهو على يدى سلم على ابيه فتناوله الحسن عليه السلام منى والطير ترفرف على راسه، فصاح بطير منها فقال: احمله واحفظه ورده الينا في كل اربعين يوما، فتناوله الطير وطار به في جو السماء واتبعه الطير فسمعت ابا محمد عليه السلام يقول: استودعك الذى اودعته ام موسى فبكت نرجس فقال: اسكتى فان الرضاع محرم عليه الا من ثديك وسيعاد اليك كما رد موسى إلى امه، وذلك قول الله عزوجل: فرددناه إلى امه كى تقر عينها ولا تحزن.

21 - وباسناده إلى محمد الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ان يوسف بن يعقوب صلوات الله عليهما حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب وهم ثمانون رجلا، فقال: ان هؤلاء سيظهرون عليكم ويسومونكم سوء العذاب وانما ينجيكم الله من أيديهم برجل من ولد لاوى بن يعقوب اسمه موسى بن عمران غلام طوال جعد ادم، فجعل الرجل من بنى اسرائيل يسمى ابنه عمران ويسمى عمران ابنه موسى.

فذكر أبان بن عثمان أبى الحصين عن أبى بصير عن أبى جعفر عليه السلام انه قال: ما خرج موسى حتى خرج قبله خمسون كذابا من بنى اسرائيل كلهم يدعى انه موسى بن عمران، فبلغ فرعون انهم يرجفون به(1) ويطلبون هذا الغلام، فقال له كهنته وسحرته: ان هلاك دينك وقومك على يدى هذا الغلام يولد العام من بنى اسرائيل،

___________________________________

(1) اى يخوضون في ذكره واخباره قصد ان يهيجوا الناس به.

[ * ]

[114]

فوضع القوابل على النساء وقال: لا يولد العام ولد الا ذبح، ووضع على ام موسى قابلة فلما راى ذلك بنو اسرائيل قالوا: اذا ذبح الغلمان واستحيى النساء هلكنا فلم نبق فتعالوا الا نقرب النساء فقال عمران أبوموسى عليه السلام: بل ائتوهن فان أمر الله واقع ولو كره المشركون، اللهم من حرمه فانى لا أحرمه ومن تركه فانى لا اتركه، ووقع على ام موسى فحملت فوضع على ام موسى قابلة تحرسها اذا قامت قامت واذا قعدت قعدت، فلما حملته امه وقعت عليها المحبة وكذلك بحجج الله على خلقه، فقالت لها القابلة مالك يا بنية تصفرين وتذوبين؟ قالت: لا تلومينى فانى اذا ولدت اخذ ولدى فذبح، قالت: لا تحزنى فانى سوف اكتم عليك فلم تصدقها، فلما ان ولدت التفتت اليها وهى مقبلة فقالت: ما شاء الله، فقالت لها: الم أقل: انى سوف اكتم عليك ثم حملته فأدخلته المخدع(1) وأصلحت أمره، ثم خرجت إلى الحرس فقالت: انصرفوا - وكانوا على الباب - فانما خرج دم مقطع، فانصرفوا فأرضعته، فلما خافت عليه الصوت أوحى الله اليها ان اعملى التابوت ثم اجعليه فيه ثم أخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر، فوضعته في التابوت ثم دفعته في اليم فجعل يرجع اليها وجعلت تدفعه في الغمر(2) وان الريح ضربته فانطلقت به فلما رأته قد ذهب به الماء همت ان تصيح، فربط الله على قلبها.

قال: وكانت المرأة الصالحة امرأة فرعون وهو من بنى اسرائيل قالت لفرعون: انها ايام الربيع فاخرجنى واضرب لى قبة على شط النيل حتى أتنزه هذه الايام، فضربت لها قبة على شط النيل اذ أقبل التابوت يريدها، فقالت: هل ترون ما أرى على الماء؟ قالوا: اى والله يا سيدتنا انا لنرى شيئا.

فلما دنا منها ثارت(3)

___________________________________

(1) المخدع - بكسر الميم وضمها - بيت يكون داخل البيت الكبير يحرز فيه الشئ وضم الميم بناء‌ا على انه اسم مكان من اخدعه: اذا أخفاه، وكسرها بناء‌ا على انه اسم آلة من الخدع بمعنى الاخفاء.

(2) الغمر: معظم الماء.

(3) كذا في النسخ لكن في المصدر وكذا المنقول عنه في البحار (قامت) بدل (ثارت) [ * ]

[115]

إلى الماء فتناولته بيدها، وكان الماء يغمرها حتى تصايحوا عليها فجذبته وأخرجته من الماء فأخذته ووضعته في حجرها، فاذا هو غلام أجمل الناس وأسرهم فوقعت عليها منه محبة فوضعته في حجرها وقالت: هذا ابنى فقالوا: اى والله يا سيدتنا، ياوالله مالك ولد ولا للملك فاتخذى هذا ولدا، فقامت إلى فرعون وقالت: انى أصبت غلاما طيبا حلوا نتخذه ولدا فيكون قرة عين لى ولك فلا تقتله، فقال: من اين هذا الغلام؟ فقالت: والله لا أدرى الا ان الماء قد جاء به، فلم تزل به حتى رضى، فلما سمع الناس ان الملك قد تبنى ابنا لم يبق أحد من رؤس من كان مع فرعون الا بعث اليه امرأته ليكون له ظئرا وتحضنه فأبى أن يأخذ من امرأة منهن ثديا، فقالت امرأة فرعون: اطلبوا لابنى ظئراولا تحقروا احدا فجعل لا يقبل من امرأة منهن فقالت ام موسى لاخته: قصيه انظرى أترين له أثرا فانطلقت حتى اتت باب الملك فقالت: قد بلغنى انكم تطلبون ظئرا وهيهنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم وتكفله لكم، فقالت: ادخلوها فلما دخلت قالت لها امرأة فرعون: ممن انت؟ قالت: من بنى اسرائيل قالت: اذهبى يا بنية فليس لنا فيك حاجة فقالت لها النساء: انظرى عافاك الله يقبل ام لا؟ فقالت امرأة فرعون: ارايتم لو قبل هل يرضى فرعون ان يكون الغلام من بنى اسرائيل والمرأة من بنى اسرائيل تعنى الظئر فلا يرضى، قلن: فانظرى يقبل ام لا؟ قالت امرأة فرعون: فاذهبى فادعيها فجائت إلى امها وقالت: ان امرأة الملك تدعوك فدخلت عليها فدفع اليها موسى فوضعته في حجرها ثم ألقمته ثديها فازدحم اللبن في حلقه فلما رأت امرأة فرعون ان ابنها قد قبل قامت إلى فرعون فقالت: انى قد أصبت لا بنى ظئرا و قد قبل منها، فقال: ممن هى؟ قالت: من بنى اسرائيل.

قال فرعون: هذا مما لا يكون ابدا.

الغلام من بنى اسرائيل والظئر من بنى اسرائيل؟ فلم تزل تكلمه فيه وتقول: لا تخف من هذا الغلام انما هو ابنك ينشو في حجرك حتى قلبته عن رأيه ورضى.

22 - في تفسير على بن ابراهيم متصل بقوله: والقيه في النيل آخر ما نقلنا عنه، اولا: وكان لفرعون قصر على شط النيل منزها فنظر من قصره ومعه آسية

[116]

امرأته إلى سواد في النيل ترفعه الامواج والرياح تضربه حتى جاء‌ت به إلى باب قصر فرعون، فأمر فرعون بأخذه فأخذ التابوت ورفع اليه فلما فتحه وجد فيه صبيا فقال: هذا اسرائيلى فألقى الله في قلب فرعون لموسى محبة شديدة وكذلك في قلب آسية رحمة الله عليها، وأراد فرعون أن يقتله فقالت آسية: لا تقتله عسى أن ينفعنا او نتخذه ولدا وهم لا يشعرون انه موسى.

23 - في مجمع البيان (قرة عين لى ولك لا تقتلوه) الاية قال ابن عباس: ان أصحاب فرعون لما علموا بموسى جاؤا ليقتلوه فمنعتهم وقالت لفرعون: (قرة عين لى ولك لا تقتلوه) قال فرعون: قرة عين لك فاما لى فلا، قال رسول الله صلى الله عليه واله: والذى يحلف به لو أقر فرعون بان يكون له قرة عين كما أقرت امرأته لهداه الله به كما هداها.

ولكنه أبى للشقاء الذى كتبه الله عليه.

24 - في تفسير على بن ابراهيم متصل بقوله انه موسى ولم يكن لفرعون ولد فقال: اطلبوا له ظئرا تربيه.

فجاؤا بعدة نساء قد قتل أولادهن فلم يشرب لبن أحد من النساء وهو قول الله: وحرمنا عليه المراضع من قبل وبلغ امه ان فرعون قد أخذه فحزنت وبكت كما قال الله تعالى: واصبح فؤاد ام موسى فارغا ان كادت لتبدى به قال: كادت ان تخبر بخبره أو تموت ثم حفظت نفسها فكانت كما قال الله: لولا ان ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ثم قالت لاخته قصيه اى اتبعيه فجاء‌ت اخته اليه فبصرت به عن جنب اى عن بعد وهم لا يشعرون فلما لم يقبل موسى يأخذ ثدى أحد من النساء اغتم فرعون غما شديدا فقالت اخته: هل ادلكم على اهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فقال: نعم فجائت بامه فلما اخذته في حجرها والقمته ثديها التقمه وشرب، ففرح فرعون وأهله وأكرموا امه فقالوا لها ربيه لنا ولك من الكرامة ما تختارين، وذلك قول الله تعالى: فرددناه إلى امه كى تقر عينها ولا تحزن ولتعلم ان وعد الله حق ولكن اكثرهم لا يعلمون.

وفيه قال الراوى: فقلت لابى جعفر عليه السلام: فكم مكث موسى غائبا عن امه

[117]

حتى رده الله اليها؟ قال: ثلثة ايام.

25 - في جوامع الجامع وروى انها لما قالت: (وهم له ناصحون) قال هامان: انها لتعرفه وتعرف أهله فقالت: انما أردت وهم للملك ناصحون.

26 - في تفسيرعلى بن ابراهيم متصل بقوله: (ولكن اكثرهم لا يعلمون) قريب آخر ما نقلنا عنه قريبا، وكان فرعون يقتل اولاد بنى اسرائيل كلما يلدون ويربى موسى ويكرمه وهو لا يعلم ان هلاكه على يده، فلما درج موسى كان يوما عند فرعون فعطس موسى فقال: الحمد لله رب العالمين فأنكر فرعون ذلك عليه ولطمه وقال: ما هذا الذى يقول فوثب موسى على لحيته وكان طويل اللحية فهلبها اى قلعها فألمه الما شديدا فهم فرعون بقتله فقالت له امرأته: هذا غلام حدث لا يدرى ما يقول وقد لطمته بلطمتك اياه فقال فرعون: بلى يدرى، فقالت له: ضع بين يديه تمرا وجمرا فان ميز بين التمر والجمر فهو الذى تقول، فوضع بين يديه تمرا وجمرا وقال له: كل فمد يده إلى التمر فجاء جبرئيل عليه السلام فصرفها إلى الجمر فأخذ الجمر في فيه فاحترق لسانه وصاح وبكى، فقالت آسية لفرعون: الم أقل لك انه لم يعقل؟ فعفى عنه.

27 - في كتاب معانى الاخبار حدثنا أبى رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى عن محمد بن احمد عن أحمد بن هلال عن محمد بن سنان عن محمد بن عبدالله بن رباط عن محمد بن النعمان الاحول عن ابى عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: فلما بلغ اشده واستوى قال: اشده ثمان عشر سنة (واستوى) التحى.

28 - في تفسير على بن ابراهيم قال: فلم يزل موسى عليه السلام عند فرعون في اكرم كرامة حتى بلغ مبلغ الرجال وكان ينكر عليه ما يتكلم به موسى عليه السلام من التوحيد حتى هم به، فخرج موسى من عنده ودخل المدينة، فاذا رجلان يقتتلان أحدهما يقول بقول موسى، والاخر يقول بقول فرعون، فاستغاثه الذى من شيعته فجاء موسى فوكز صاحب فرعون فقضى عليه وتوارى في المدينة.

29 - في مجمع البيان وروى أبوبصير عن أبى عبدالله عليه السلام انه قال: ليهنكم

 

[118]

الاسم.

قال: قلت: وما الاسم؟ قال: الشيعة اما سمعت الله سبحانه يقول (فاستغاثه الذى من شيعته على الذى من عدوه).

30 - في تفسير على بن ابراهيم متصل بقوله في المدينة فلما كان الغد جاء آخر فتشبث بذلك الرجل الذى يقول بقول موسى عليه السلام فاستغاث بموسى، فلما نظر صاحبه إلى موسى قال له: اتريد ان تقتلنى كما قتلت نفسا بالامس فخلى عن صاحبه وهرب.

31 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة متصل بقوله حتى قلبته عن رأيه ورضى آخر ما نقلنا عنه قريبا، فنسى موسى صلى الله عليه في آل فرعون وكتمت امه خبره واخته والقابلة حتى هلكت امه والقابلة التى قبلته، فنشى عليه السلام لا يعلم به بنو اسرائيل قال: وكانت بنو اسرائيل تطلبه وتسأل عنه فعمى عليهم خبره، قال: فبلغ فرعون انهم يطلبونه ويسألون عنه فأرسل اليهم وزاد عليهم في العذاب وفرق بينهم ونهاهم عن الاخبار به والسؤال عنه.

قال: فخرجت بنو اسرائيل ذات ليلة مقمرة إلى شيخ لهم عنده علم.

فقالوا: كنا نستريح إلى الاحاديث فحتى متى والى متى نحن في هذا البلاء؟ قال والله انكم لا تزالون فيه حتى يجئ الله تعالى ذكره بغلام من ولد لاوى بن يعقوب اسمه موسى بن عمران، غلام طوال جعد، فبيناهم كذلك إذ أقبل موسى عليه السلام يسير على بغلة حتى وقف عليهم، فرفع الشيخ رأسه فعرفه بالصفة فقال له: ما اسمك يرحمك الله؟ قال: موسى.

قال: ابن من؟ قال: ابن عمران، قال: فوثب اليه الشيخ فأخذ بيده فقبلها وثاروا إلى رجله فقبلوها فعرفهم وعرفوه واتخذ شيعة، فمكث بعد ذلك ما شاء الله ثم خرج فدخل مدينة لفرعون فيها رجل من شيعته يقاتل رجلا من آل فرعون من القبط (فاستغاثه الذى من شيعته على الذى من عدوه) القبطى (فوكزه موسى فقضى عليه) وكان موسى عليه السلام قد اعطى بسطة في الجسم وشدة في البطش فذكره الناس وشاع أمره، وقالوا ان موسى قتل رجلا من آل فرعون (فأصبح في المدينة خائفا يترقب) فلما اصبحوا من الغد اذا الرجل الذى استنصره بالامس يستصرخه على آخر فقال له موسى انك لغوى مبين

[119]

بالامس رجل واليوم رجل، فلما اراد ان يبطش بالذى هو عدو لهما قال: يا موسى اتريد ان تقتلنى كما قتلت نفسا بالامس ان تريد الا ان تكون جبارا في الارض وما تريد أن تكون من المصلحين.

32 - في عيون الاخبار باسناده إلى على بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الانبياء معصومون؟ قال: بلى، قال: فأخبرنى عن قول الله تعالى (فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان) قال الرضا عليه السلام: ان موسى عليه السلام دخل مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من اهلها وذلك بين المغرب والعشاء (فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه، فاستغاثه الذى من شيعته على الذى من عدوه فقضى) عليه السلام على العد وبحكم الله تعالى ذكره فوكزه فمات (قال هذا من عمل الشيطان) يعنى الاقتتال الذى وقع بين الرجل لا ما فعله موسى عليه السلام من قتله (انه) يعنى الشيطان (عدو مضل مبين) قال المأمون.

فما معنى قول موسى (رب انى ظلمت نفسى فاغفر لى) قال: يقول: وضعت نفسى في غير موضعها بدخول هذه المدينة (فاغفر لى) اى استرنى من اعدائك لئلا يظفروا بى فيقتلونى (فغفر له انه هو الغفور الرحيم) قال موسى: (رب بما انعمت على) من القوة حتى قتلت رجلا بوكزة (فلن اكون ظهيرا للمجرمين) بل اجاهدهم في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى (فاصبح) موسى عليه السلام (في المدينة خائفا يترقب فاذا الذى استنصره بالامس يستصرخه) على آخر (قال له موسى انك لغوى مبين) قاتلت رجلا بالامس وتقاتل هذا اليوم لاؤد بنك وأراد ان يبطش به (فلما أراد ان يبطش بالذى هو عدو لهما) وهو من شيعته (قال يا موسى أتريد أن تقتلنى كما قتلت نفسا بالامس ان تريد الا ان تكون جبارا في الارض وما تريد ان تكون من المصلحين) قال المأمون: جزاك الله عن أنبيائه خيرا يا ابا الحسن.

33 - في تفسير على بن ابراهيم متصل بقوله عن صاحبه وهرب وكان خازن فرعون مؤمنا بموسى عليه السلام قد كتم ايمانه ستمأة سنة، وهو الذى قال الله عزوجل: (وقال

[120]

رجل مؤمن من آل فرعون يكتم ايمانه اتقتلون رجلا ان يقول ربى الله) وبلغ فرعون خبر قتل موسى الرجل فطلبه ليقتله فبعث المؤمن إلى موسى عليه السلام (ان الملاء يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج انى لك من الناصحين فخرج منها) كما حكى الله عزوجل (خائفا يترقب) قال: يلتفت يمنة ويسرة ويقول (رب نجنى من القوم الظالمين).

34 - في ارشاد المفيد رحمه الله في مقتل الحسين فسار الحسين عليه السلام إلى مكة و هو يقرأ (فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجنى من القوم الظالمين) ولزم الطريق الاعظم فقال له أهل بيته: لو تنكبت الطريق الاعظم كما صنع ابن الزبير لئلا يلحق الطلب فقال: لا والله لا أفارقه حتى يقضى الله ماهو قاض، ولما دخل الحسين عليه السلام مكة كان دخوله اليها ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان دخلها وهو يقول: (ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربى ان يهدينى سواء السبيل).

35 - في مجمع البيان وروى عبدالله بن سنان قال: سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول كانت عصى موسى قضيب آس من الجنة أتاه به جبرئيل لما توجه تلقاء مدين.

36 - في من لا يحضره الفقيه قال امير المؤمنين عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من خرج في سفر ومعه عصا لوز مر وتلا هذه الاية (ولما توجه تلقاء مدين) إلى قوله (والله على ما نقول وكيل) آمنه الله من كل سبع ضار، ومن كل لص عاد ومن كل ذات حمة حتى يرجع إلى أهله ومنزله، وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات(1) يستغفرون له حتى يرجع ويضعها.

وفى كتاب ثواب الاعمال مثله سواء.

37 - في تفسير على بن ابراهيم متصل بقوله: (من القوم الظالمين) ومر نحو مدين وكان بينه وبين مدين مسيرة ثلاثة أيام، فلما بلغ باب مدين راى بئرا يستقى الناس منها لاغنامهم ودوابهم، فقعد ناحية ولم يكن أكل منذ ثلاثة ايام شيئا فنظر إلى

___________________________________

(1) الحمة: السم او الابرة تضرب بها الزنبور والحية ونحو ذلك او تلدغ بها، قاله الفيض (ره) في الوافى.

وقال (ره) ايضا: والمعقبات: ملائكة الليل والنهار.

[121]

جاريتين في ناحية ومعهما غنيمات لا تدنوان من البئر فقال لهما: مالكما لا تستقيان؟ فقالتا كما حكى الله عزوجل: لا نسقى حتى يصدر الرعاء وابونا شيخ كبير فرحمهما موسى عليه السلام ودنا من البئر فقال لمن على البئر: أسقى لى دلوا ولكم دلوا وكان الدلو يمده عشرة رجال، فاستقى وحده دلوا لمن على البئر ودلوا لبنتى شعيب عليه السلام وسقى أغنامهما ثم تولى إلى الظل فقال رب انى لما انزلت إلى من خير فقيركان شديد الجوع، قال امير المؤمنين عليه السلام كان موسى كليم الله حيث سقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال: رب انى لما انزلت إلى من خير فقير: والله ما سأل الله عزوجل الا خبزا يأكله لانه كان يأكله بقلة الارض، ولقد رأوا خضرة البقل في صفاق بطنه(1) من هزاله.

38 - في الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عمن ذكره عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل حكاية عن موسى عليه السلام (رب انى لما انزلت إلى من خير فقير) قال: سأل الطعام.

39 - في تفسير العياشى عن حفص بن البخترى عن أبى عبدالله عليه السلام في قول موسى لفتاه: (آتنا غداء‌نا) وقوله: (رب انى لما انزلت إلى من خير فقير) قال: انما عنى الطعام، فقال أبوعبدالله عليه السلام: ان موسى لذو جوعات.

40 - عن ليث بن سليم عن أبى جعفر عليه السلام شكى موسى إلى ربه الجوع في ثلاثة مواضع : (آتنا غداء‌نا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) (لاتخذت عليه اجرا) (لما انزلت (الي من خير فقير).

41 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: وان شئت ثنيت بموسى كليم الله صلوات الله عليه اذ يقول: (انى لما انزلت الي من خير فقير) والله ما سأله الا خبزا يأكله لانه كان يأكل بقلة الارض، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله وتشذب لحمه(2).

___________________________________

(1) الصفاق: الجلد الباطن الذى فوقه الجلد الظاهر من البطن.

(2) تشذب اللحم: تفرقه [ * ]

[122]

42 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة متصل بقوله: (ان تكون من المصلحين) آخر ما نقلنا عنه سابقا وجاء من اقصى المدينة رجل يسعى قال يا موسى ان الملاء يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج انى لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب من مصر بغير ظهر ولا دابة ولا خادم تحفظه أرض وترفعه اخرى حتى انتهى إلى أرض مدين، فانتهى إلى أصل شجرة فنزل فاذا تحتها بئر واذا عندها امة من الناس يسقون، واذا جاريتان ضعيفتان، واذا معهما غنيمة لهما قال ما خطبكما قالتا ابونا شيخ كبير ونحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر ان نزاحم الرجال فاذا سقى الناس سقينا، فرحمهما عليه السلام فاخذ دلوهما فقال لهما: قدما غنمكما فسقى لهما ثم رجعتا بكرة قبل الناس، ثم تولى موسى إلى الشجرة فجلس تحتها وقال: (رب انى لما انزلت إلى من خير فقير) فروى انه قال ذلك وهو محتاج إلى شق تمرة، فلما رجعتا إلى أبيهما قال: ما اعجلكما في هذه الساعة؟ قالتا: وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا، فقال لاحداهما: اذهبى فادعيه لى فجاء‌ته احداهما تمشى على استحياء قالت ان ابى يدعوك ليجزيك اجر ما سقيت لنا.

43 - في تفسير على بن ابراهيم متصل بقوله من هزاله آخر ما نقلنا عنه سابقا، فلما رجعت ابنتا شعيب إلى شعيب قال لهما: اسرعتما الرجوع فأخبرتاه بقصة موسى عليه السلام ولم تعرفاه، فقال شعيب لواحدة منهن: اذهبى اليه فادعيه لنجزيه أجر ما سقى لنا، فجائت اليه كما حكى الله تعالى: (تمشى على استحياء فقالت ان ابى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) فقام موسى معهما ومشت امامه فسفقتها الرياح(1) فبان عجزها فقال لها موسى: تأخرى ودلينى على الطريق بحصاة تلقينها امامى أتبعها، فانا من قوم لا ينظرون في ادبار النساء، فلما دخل على شعيب قص عليه قصته فقال له شعيب عليه السلام: (ولا تخف نجوت من القوم الظالمين).

44 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة متصل بقوله: (اجر ما سقيت لنا) فروى ان موسى عليه السلام قال لها: وجهينى إلى الطريق وامشى خلفى فانا بنى يعقوب

___________________________________

(1) من سفقت الباب واسفقته اى رددته [ * ]

[123]

لا ننظر في اعجاز النساء)، فلما جاء‌ه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين).

45 - في تفسير على بن ابراهيم متصل بقوله: (من القوم الظالمين) قالت احدى بنات شعيب: يا أبت استاجره ان خير من استاجرت القوى الامين فقال لها شعيب: اما قوته فقد عرفتنيه انه يستقى الدلو وحده، فبم عرفت امانته؟ فقالت: انه لما قال لى: تأخرى عنى ودلينى على الطريق فانا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء عرفت انه ليس من الذين ينظرون أعجاز النساء فهذه أمانته.

46 - في جوامع الجامع وروى ان الرعاة كانوا يضعون على رأس البئر حجرا لا يقله الا سبعة رجال وقيل: عشرة وقيل: أربعون فأقله وحده وسألهم دلوا فأعطوه دلوهم، وكان لا ينزعها الا عشرة فاستقى بها وحده مرة واحدة، فروى غنمهما وأصدرهما.

47 - في من لا يحضره الفقيه وروى صفوان بن يحيى عن أبى الحسن عليه السلام في قول الله: (يا ابت استأجره ان خير من استأجرت القوى الامين) قال: قال لها شعيب: يا بنية هذا قوى قد عرفتيه برفع الصخرة، الامين من أين عرفتيه؟ قالت: يا أبة انى مشيت قدامه فقال: امشى من خلفى فان ضللت فأرشدينى إلى الطريق فانا قوم لا ننظر في أدبار النساء.

48 - في مجمع البيان قال أميرالمؤمنين على عليه السلام: لماقالت المرأة هذا قال شعيب: وما علملك بأمانته وقوته؟ قالت: أما قوته فانه رفع الحجر الذى لا يرفعه كذا بكذا، واما امانته فانه قال لى: امشى خلفى فانا أكره ان تصيب الريح ثيابك فتصف لى جسدك.

49 - وروى الحسن بن سعيد عن صفوان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: سئل أيتهما التى قالت ان ابى يدعوك؟ قال: التى تزوج بها، قيل: فاى الاجلين قضى قال: أوفاهما و أبعدهما عشر سنين، قيل: فدخل بها قبل أن يمضى الشرط أو بعد انقضائه؟ قال: قبل أن ينقضى، قيل له: فالرجل يتزوج المرئة ويشترط لابيها اجارة شهرين أيجوز ذلك؟ قال: ان موسى علم انه سيتم له شرطه، قيل: كيف؟ قال: علم انه سيبقى

[124]

حتى يفى.

50 - في الكافى على بن محمد بن بندار عن أحمد بن أبى عبدالله عن أبيه عن ابن سنان عن أبى الحسن عليه السلام قال: سألته عن الاجارة، فقال: صالح لا بأس به اذا نصح قدر طاقته، قد آجر موسى عليه السلام نفسه واشترط، فقال: ان شئت ثمان وان شئت عشرا فانزل الله عزوجل فيه أن تأجرنى ثمانى حجج وان اتممت عشرا فمن عندك.

51 - في من لا يحضره الفقيه وروى اسمعيل بن أبى زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام ان عليا عليه السلام قال: لا يحل النكاح اليوم في الاسلام باجارة بان يقول اعمل عندك كذا وكذا على أن تزوجنى اختك او ابنتك، قال: هو حرام لانه ثمن رقبتها وهى أحق بمهرها.

52 - في حديث آخر انما كان ذلك لموسى بن عمران لانه علم من طريق الوحى هل يموت قبل الوفاء ام لا، فوفى بأتم الاجلين.

53 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة (قال: أريد ان انكحك احدى ابنتى هاتين على ان تأجرنى ثمانى حجج فان اتممت عشرا فمن عندك) فروى انه قضى أتمهما لان الانبياء عليهم السلام لا تأخذ الا بالفضل والتمام.

54 - في تفسير العياشى وقال الحلبى سئل أبوعبدالله عليه السلام عن البيت أكان يحج قبل أن يبعث النبى صلى الله عليه واله؟ قال: نعم وتصديقه في القرآن قول شعيب حين قال لموسى حيث تزوج: (على أن تأجرنى ثمانى حجج) ولم يقل ثمانى سنين.

55 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: بكى شعيب عليه السلام من حب الله عزوجل حتى عمى، فرد الله عزوجل عليه بصره، ثم بكى حتى عمى، فرد الله عزوجل عليه بصره، ثم بكى حتى عمى فرد الله عليه بصره، فلما كانت الرابعة أوحى الله اليه: يا شعيب إلى متى يكون هذا أبدا منك؟ إن يكن هذا خوفا من النار فقد آجرتك، وان يكن شوقا إلى الجنة فقد أبحتك، فقال: الهى وسيدى أنت

[125]

تعلم انى ما بكيت خوفا من نارك ولا شوقا إلى جنتك ولكن عقد حبك على قلبى فلست أصبر أو أراك، فأوحى الله جل جلاله اليه اما اذا كان هذا هكذا فمن أجل هذا سأخدمك كليمى موسى بن عمران.

قال مصنف هذا الكتاب: والله يعنى بذلك لا زال أبكى أو أراك قد قبلتنى حبيبا انتهى.

56 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبدالله بن مسعود عن النبى صلى الله عليه واله حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: ان يوشع بن نون وصي موسى عليهما السلام عاش بعد موسى ثلاثين سنة، وخرجت عليه صفيرا بنت شعيب زوجة موسى عليه السلام فقالت: انا احق منك بالامر فقاتلها فقتل مقاتلتها وأحسن اسرها.

57 - وفيه حديث طويل يقول فيه صلى الله عليه واله: وقد ذكر موسى عليه السلام وخرج إلى مدينة مدين فأقام عند شعيب ما أقام، فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الاولى، و كانت نيفا وخمسين سنة.

58 - وباسناده إلى عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول في القائم عليه السلام: سنة من موسى بن عمران عليه السلام فقلت: وما سنة من موسى بن عمران؟ قال: خفاء مولده وغيبته عن قومه، فقلت: وكم غاب موسى عن أهله قال: ثمانية وعشرين سنة.

59 - في مجمع البيان وروى الواحدى بالاسناد عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه واله: أى الاجلين قضى موسى؟ قال أوفاهما وأبطأهما.

60 - وبالاسناد عن أبى ذر قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه واله: اذا سئلت أى الاجلين قضى موسى؟ فقل: خيرهما وأبرهما، وان سئلت اى المرأتين تزوج موسى فقل: الصغرى منهما وهى التى جاء‌ت، وقالت يا أبت استأجره.

61 - في تفسير على بن ابراهيم قال: قلت لابى عبدالله عليه السلام: أى الاجلين قضى؟ قال: اتمهما عشر حجج، قلت له: فدخل بها قبل أن يقضى الاجل أو بعد؟ قال: قبل، قال: قلت: فالرجل يتزوج المرأة ويشترط لابيها اجارة شهرين مثلا

[126]

أيجوز ذلك؟ قال: ان موسى عليه السلام علم انه يتم له شرطه فكيف لهذا ان يعلم انه يبقى حتى يفى قلت له: جعلت فداك أيهما زوجه شعيب من بناته؟ قال: التى ذهبت اليه فدعته وقالت لابيها: (يا ابت استأجره ان خير من استاجرت القوى الامين * فلما قضى موسى الاجل) قال لشعيب: لابد لى أن أرجع إلى وطنى وامى وأهل بيتى فمالى عندك؟ فقال شعيب عليه السلام: ما وضعت أغنامى في هذه السنة من غنم بلق فهو لك، فعمل موسى عليه السلام عند ما أراد أن يرسل الفحل على الغنم إلى عصاه فقشر منه بعضه وترك بعضه، وغرزه في وسط مربض الغنم وألقى عليه كساء أبلق ثم أرسل الفحل على الغنم فلم يضع الغنم في تلك السنة الا بلقا، فلما حال عليه الحول حمل موسى امرأته وزوده شعيب من عنده وساق غنمه، فلما أراد الخروج قال لشعيب.

أبغى عصا يكون معى وكانت عصى الانبياء عليهم السلام عنده قد ورثها مجموعة في بيت، فقال له شعيب: ادخل هذا البيت وخذ عصا من بين العصى، فدخل فوثب اليه عصا نوح وابراهيم عليهما السلام و صارت في كفه فأخرجها ونظر اليها شعيب فقال: ردها وخذ غيرها، فردها ليأخذ غيرها فوثبت اليه تلك بعينها فردها حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فلما رأى شعيب عليه السلام ذلك قال له: اذهب فقد خصك الله عزوجل بها، فساق غنمه فخرج يريد مصر فلما صار في مفازة ومعه أهله أصابهم برد شديد وريح وظلمة، وجنهم الليل فنظر موسى إلى نار قد ظهرت كما قال الله تعالى: فلما قضى موسى الاجل وسار باهله آنس من جانب الطور نارا قال لاهله امكثوا انى آنست نارا لعلى آتيكم منها بخبر او جذوة من النار لعلكم تصطلون فاقبل نحو النار يقتبس فاذا شجرة ونار تلتهب عليها فلما ذهب نحو النار يقتبس منها أهوت ففزع وعدا ورجعت النار إلى الشجرة، فالتفت اليها وقد رجعت إلى الشجرة فرجع الثانية ليقتبس فأهوت اليه فعدا وتركها، ثم التفت وقد رجعت إلى الشجرة، فرجع اليها الثالثة فأهوت اليه فعدا ولم يعقب اى لم يرجع، فناداه الله عزوجل ان: يا موسى انى انا الله رب العالمين.

62 - في تهذيب الاحكام أبوالقاسم جعفر بن محمد عن محمد بن الحسن

[127]

ابن على بن مهزيار عن أبيه عن جده على بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن على بن الحكم عن مخرمة بن ربعى قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: شاطئ الوادى الايمن الذى ذكره الله في القرآن هو الفرات، والبقعة المباركة هى كربلاء.

63 - في مجمع البيان وروى أبوبصير عن أبى جعفر عليه السلام قال: (لما قضى موسى الاجل وسار بأهله) نحو البيت المقدس اخطا الطريق فراى نارا (قال لاهله امكثوا انى آنست نارا).

64 - في تفسير على بن ابراهيم متصل بقوله: (رب العالمين) قال موسى عليه السلام: فما الدليل على ذلك؟ قال الله عزوجل: ما في يمينك يا موسى، قال: هى عصاى قال: القها يا موسى فالقاها فاذا هى حية تسعى ففزع منها موسى وعدا، فناداه الله عزوجل: خذها ولا تخف انك من الامنين اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء اى من غير علة، وذلك ان موسى عليه السلام كان شديد السمرة(1) فأخرج يده من جيبه فأضائت له الدنيا، فقال الله عزوجل: فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملائه انهم كانوا قوما فاسقين.

65 - في كتاب طب الائمة عليهم السلام باسناده إلى جابر الجعفى عن الباقر عليه السلام قال: وقال الله عزوجل في قصة موسى عليه السلام: (ادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء) يعنى من غير برص، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

66 - في مجمع البيان وروى عن أبى جعفر عليه السلام في حديث طويل قال: فلما رجع موسى إلى امرأته قالت: من أين جئت؟ قال: من عند رب تلك النار.

67 - في الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن أبى جميلة قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فان موسى ابن عمران ذهب يقتبس نارا لاهله فانصرف اليهم وهو نبى مرسل.

68 - عدة من اصحابنا عن أحمد بن أبى عبدالله عن على بن محمد القاسانى عمن

___________________________________

(1) سمر: كان لونه بين السواد والبياض.

[ * ]

[128]

ذكره عن عبدالله بن القاسم عن أبى عبدالله عن أبيه عن جده قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليهم: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فان موسى بن عمران صلى الله عليه خرج يقتبس نارا لاهله فكلمه الله ورجع نبيا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

69 - في تفسير على بن ابراهيم قال موسى كما حكى الله: رب انى قتلت منهم نفسا فاخاف ان يقتلون واخى هارون هو افصح منى لسانا فارسله معى ردء‌ا يصدقنى انى اخاف ان يكذبون قال الراوى: فقلت لابى جعفر عليه السلام فكم مكث موسى عليه السلام غائبا عن امه حتى رده الله عزوجل عليها؟ قال: ثلاثة، قال: فقلت: فكان هارون اخا موسى عليهما السلام لابيه وامه؟ قال: نعم أما تسمع الله عزوجل يقول: (ياابن ام لا تأخذ بلحيتى ولا برأسى) فقلت: فأيهما كان أكبر سنا؟ قال: هارون عليه السلام قلت: وكان الوحى ينزل عليهما جميعا؟ قال: كان الوحى ينزل على موسى عليه السلام وموسى يوحيه إلى هارون فقلت له: اخبرنى عن الاحكام والقضاء والامر والنهى كان ذلك اليهما؟ قال: كان موسى عليه السلام الذى يناجى ربه ويكتب العلم ويقضى بين بنى اسرائيل و هارون يخلفه اذا غاب من قومه للمناجاة، قلت: فايهما مات قبل صاحبه؟ قال: مات هارون قبل موسى عليه السلام وماتا جميعا في التيه، قلت: فكان لموسى ولد؟ قال: لا كان الولد لهارون الذرية له.

70 - في كتاب طب الائمة عليهم السلام باسناده إلى الاصبغ بن نباتة السلمى عن أمير المؤمنين عليه السلام قال الاصبغ: أخذت هذه العوذة منه عليه السلام وقال لى: يا اصبغ هذه عوذة السحر والخوف من السلطان تقولها سبع مرات: بسم الله وبالله (سنشدك عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون اليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون) و تقول في وجه الساحر اذا فرغت من صلوة الليل قبل ان تبدأ بصلوة النهار سبع مرات فانه لا يضرك ان شاء الله تعالى.

71 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله نقلا عن تفسير الكلبى محمد

[129]

عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس ان جبرئيل عليه السلام قال لرسول الله صلى الله عليه واله: يا محمد لو رأيتنى وفرعون يدعو بكلمة الاخلاص: (آمنت انه لا اله الا الله الذى آمنت به بنو اسرائيل وأنا من المسلمين) وانا أدسه في الماء والطين لشدة غضبى عليه مخافة أن يتوب فيتوب الله عزوجل عليه؟ قال له رسول الله صلى الله عليه واله: وما كان شدة غضبك عليه يا جبرئيل؟ قال: لقوله: (انا ربكم الاعلى) وهى كلمته الاخرة منهما، وانا قالها حين انتهى إلى البحر وكلمته (وما علمت لكم من اله غيرى) فكان بين الاولى والاخرة أربعون سنة.

73 - في تفسير على بن ابراهيم واما قوله عزوجل: وقال فرعون يا ايها الملاء ما علمت لكم من اله غيرى فاوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحا لعلى اطلع إلى اله موسى وانى لاظنه من الكاذبين فبنى هامان له في الهواء صرحا حتى بلغ مكانا في الهواء، لا يتمكن الانسان أن يقيم عليه من الرياح القائمة في الهواء، فقال لفرعون: لا نقدر أن نزيد على هذا فبعث الله عزوجل رياحا فرمت به فاتخذ فرعون و هامان منذ ذلك التابوت وعمدا إلى أربعة أنسر، فاخذا افراخها وربياها حتى اذا بلغت القوة وكبرت، عمدوا إلى جوانب التابوت الاربعة فغرسا في كل جانب منه خشبة، وجعلا على رأس كل خشبة لحما وجوعا الانسر وشد ارجلها بأصل الخشبة، فنظر الانسر إلى اللحم فأهوت اليه وصفقت بأجنحتها وارتفعت بهما في الهواء وأقبلت تطير يومها، فقال فرعون لهامان: انظر إلى السماء هل بلغناها؟ فنظر هامان فقال: أرى السماء كما كنت أراها من الارض في البعد، فقال: انظر إلى الارض فقال: لا أرى الارض ولكن أرى البحار والماء، فلم يزل النسر ترتفع حتى غابت الشمس وغابت عنهم البحار والماء فقال فرعون: يا هامان انظر إلى السماء فنظر إلى السماء فقال: أراها كما كنت أراها من الارض، فلما جنهم الليل نظر هامان إلى السماء فقال فرعون: هل بلغناها؟ قال: أرى الكواكب كما كنت أراها من الارض ولست أرى من الارض الا الظلمة، قال: ثم حالت الرياح القائمة في الهواء فاقلبت التابوت بهما، فلم يزل يهوى بهما حتى وقع على الارض وكان فرعون أشد ما كان عتوا في ذلك الوقت.

[130]

74 - في جوامع الجامع وكل متكبر سوى الله عزوجل فاستكباره بغير الحق وهو جل جلاله المتكبر على الحقيقة اى البالغ في كبرياء الشأن قال عليه السلام فيما حكاه عن ربه عزوجل: الكبرياء ردائى والعظمة ازارى، فمن نازعنى واحدا منهما ألقيته في النار.

75 - في اصول الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسن عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال: ان الائمة في كتاب الله عزوجل امامان: قال الله تبارك وتعالى: (وجعلناهم أئمة يهدون بامرنا) لا بأمر الناس يقدمون أمرالله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم، قال: وجعلناهم ائمة يدعون إلى النار يقدمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله، و يأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عزوجل.

76 - في مجمع البيان وجاء‌ت الرواية بالاسناد عن أبى سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه واله قال: ما أهلك الله قوما ولا قرنا ولا امة ولا أهل قرية بعذاب من السماء منذ أنزل التوارة على وجه الارض غير أهل القرية التى مسخوا قردة.

الم تر ان الله تعالى قال: ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما اهلكنا القرون الاولى الاية.

77 - في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المتفرقة حديث طويل وفيه ان رسول الله صلى الله عليه واله قال: لما بعث الله عزوجل موسى بن عمران عليه السلام واصطفاه نجيا وفلق له البحر، ونجى بنى اسرائيل وأعطاه التوراة والالواح، راى مكانه من ربه عزوجل فقال: يا رب لقد أكرمتنى بكرامة لم تكرم بها احدا قبلى، فقال الله جل جلاله: يا موسى أما علمت ان محمدا أفضل عندى من جميع مليكتى وجميع خلقى؟ قال موسى: يا رب فان كان محمد أكرم عندك من جميع خلقك فهل في آل الانبياء أكرم من آلى؟ قال الله جل جلاله: يا موسى أما علمت ان فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين؟ فقال موسى: يا رب فان كان آل محمد كذلك فهل في امم الانبياء عندك أفضل من امتى؟ ظللت عليهم الغمام وأنزلت

[131]

عليهم المن والسلوى وفلقت لهم البحر؟ فقال الله جل جلاله: يا موسى أما علمت ان فضل امة محمد على جميع الامم كفضله على جميع خلقى؟ قال موسى: يا رب ليتنى كنت اراهم فاوحى الله عزوجل اليه: يا موسى لن تراهم وليس هذا أوان ظهورهم ولكن سوف تراهم في الجنان جنات عدن والفردوس بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون، و في خيراتها يتبحبحون(1) أفتحب ان أسمعك كلامهم؟ قال: نعم الهى قال الله جل جلاله: قم بين يدى واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدى الملك الجليل، ففعل ذلك موسى عليه السلام فنادى ربنا عزوجل: يا امة محمد فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام امهاتهم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك، قال: فجعل الله عزوجل تلك الاجابة شعار الحاج ثم نادى ربنا عزوجل: يا امة محمد ان قضائى عليكم رحمتى سبقت غضبى وعفوى قبل عقابى فقد استجبت لكم من قبل ان تدعونى، واعطيتكم من قبل ان تسألونى، من لقينى بشهادة ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله صادق في اقواله محق في افعاله وان على بن ابى طالب اخاه ووصيه من بعده ووليه ويلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد، وان اولياء‌ه المصطفين المطهرين الطاهرين المبانين(2) بعجائب آيات الله ودلائل حجج الله من بعدهما أولياء‌ه أدخلته جنتى وان كانت ذنوبه مثل زبد البحر، قال: فلما بعث الله عزوجل محمدا صلى الله عليه واله قال: يا محمد وما كنت بجانب الطور اذ نادينا امتك بهذه الكرامة قال عزوجل لمحمد صلى الله عليه واله: قل الحمد لله رب العالمين على ما اختصنى به من هذه الفضيلة، وقال لامته: قولوا الحمد لله رب العالمين على ما اختصنا به من هذه الفضائل.

78 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله عزوجل: سحران تظاهرا قال: موسى

___________________________________

(1) تبحبح الرجل وتبحبح: اذا تمكن في المقام والحلول وقيل: (تبحبحون) من بحبوحة الجنان اى يتوسطون في اوساط الجنان لا في اطرافه لان الوسط خير من الطرف.

(2) المبانين اى المظهرين وفى بعض النسخ (المنبئين) [ * ]

[132]

وهارون.

79 - في اصول الكافى عدة من أصاحبنا عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن أبى الحسن عليه السلام في قول الله عزوجل: ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله قال: يعنى من اتخذ دينه رأيه بغير امام من ائمة الهدى.

80 - على بن ابراهيم عن صالح بن السندى عن جعفر بن بشير ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال جميعا عن أبى جميلة عن خالد بن عمار عن سدير قال: قال أبوجعفر عليه السلام: يا سدير أفأريك الصادين عن دين الله ثم نظر إلى أبى حنيفة و سفيان الثورى في ذلك الزمان وهم حلق في المسجد فقال: هؤلاء الصادون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتاب مبين، ان هؤلاء الاخابث لو جلسوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه واله حتى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه واله والحديث طويل اخذنا منه موضع الحاجة.

81 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن المعلى بن خنيس عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) يعنى من اتخذ دينه رأيا بغير امام من ائمة الهدى.

82 - عباد بن سليمان عن سعد بن سعد عن محمد بن الفضيل عن أبى الحسن عليه السلام في قول الله عزوجل: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) يعنى من اتخذ دينه هواه بغير هدى من ائمة الهدى.

83 - في اصول الكافى الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن عبدالله بن جندب قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عزوجل: ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون قال: امام إلى امام.

84 - في تفسير على بن ابراهيم أخبرنا أحمد بن ادريس عن احمد بن محمد عن

[133]

معاوية بن حكيم عن أحمد بن محمد عن يونس بن يعقوب عن أبيعبدالله عليه السلام في قول الله تعالى: (ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون) قال: امام بعد امام.

85 - وقال على بن ابراهيم رحمه الله في قوله عزوجل: اولئك يؤتون اجرهم مرتين بما صبروا قال: الائمة صلوات الله عليهم.

وقال الصادق عليه السلام: نحن صبراء و شيعتنا أصبر منا، وذلك انا صبرنا على ما نعلم، وصبروا على ما لا يعلمون، وقوله عزوجل: ويدرؤن بالحسنة السيئة اى يدفعون سيئة من أساء اليهم بحسناتهم.

86 - في اصول الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن هشام بن سالم وغيره عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: (اولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا) على التقية (ويدرؤن بالحسنة السيئة) قال: الحسنة التقية والسيئة الاذاعة.

87 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله عزوجل: واذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه قال: اللغو الكذب واللهو الغناء، وهم الائمة صلوات الله عليهم يعرضون عن ذلك كله.

88 - وقوله عزوجل: انك لا تهدى من احببت قال: نزلت في أبى طالب كان رسول الله صلى الله عليه واله يقول: يا عم قل: لا اله الا الله انفعك بها يوم القيامة فيقول: يا ابن أخى انا أعلم بنفسى، فلما مات شهد العباس بن عبدالمطلب عند رسول الله صلى الله عليه واله انه تكلم بها عند الموت فقال رسول الله: اما أنا فلم أسمعها منه وأرجو أن أنفعه يوم القيامة، وقال صلى الله عليه واله: لو قمت المقام المحمود لشفعت في امى وأبى وعمى وأخ كان لى مواخيا في الجاهلية.

89 - في مجمع البيان قيل نزل قوله: (انك لا تهدى من أحببت) في أبى طالب فان النبى صلى الله عليه واله كان يحب اسلامه، فنزلت هذه الاية وكان يكره اسلام وحشى قاتل حمزة فنزل فيه: (يا عبادى الذين أسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) الاية فلم يسلم أبوطالب وأسلم وحشى، ورووا ذلك عن ابن عباس وغيره وفى هذا نظر كما يرى فان النبى صلى الله عليه واله لا يجوز أن يخالف الله سبحانه في ارادته، كما لا يجوز أن يخالف أوامره ونواهيه، واذا كان الله تعالى على ما زعم القوم لم يرد ايمان أبى طالب وأراد كفره، و أراد النبى صلى الله عليه واله ايمانه فقد حصل غاية الخلاف بين ارادتى الرسول والمرسل، وكان

[134]

سبحانه يقول على مقتضى اعتقادهم: انك يا محمد تريد ايمانه ولا اريد ايمانه، ولا أخلق فيه الايمان مع تكلفه بنصرتك وبذل مجهوده في اعانتك، والذب عنك ومحبته لك ونعمته عليك، وتكره أنت ايمان وحشى لقتله حمزة عمك وانا أريد ايمانه واخلق في قلبه الايمان وفى هذا ما فيه وقد ذكرنا في سورة الانعام ان أهل البيت عليهم السلام قد أجمعوا على أن أبا طالب مات مسلما.

وتظاهرت الروايات بذلك عنهم، وأوردنا هناك طرفا من أشعاره الدالة على تصديقه للنبى صلى الله عليه واله، وتوحيده، فان استيفاء جميعه لا يتسع له الطوامير، وما روى من ذلك في كتب المغازى وغيرها أكثر من أن يحصى، يكاشف فيها من كاشف النبى صلى الله عليه واله ويناضل عنه ويصحح نبوته، وقال بعض الثقات: ان قصائده في هذا المعنى التى تنفث في عقد السحر وتغبر في وجه الشعر الدهر تبلغ قدر مجلد و أكثر من هذا ولا شك في انه لم يختر تمام مجاهرة الاعداء استصلاحا لهم، وحسن تدبيره في دفع كيادهم لئلا يلجئوا الرسول إلى ما ألجأوه اليه بعد موته.

90 - في جوامع الجامع وقالوا: ان الاية نزلت في أبى طالب وقد ورد عن أئمة الهدى عليهم السلام ان أبا طالب مات مسلما وأجمعت الامامية على ذلك وأشعاره مشحونة بالاسلام وتصديق النبى صلى الله عليه واله(1).

91 - في اصول الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن على بن عقبة عن أبيه قال قال أبوعبدالله عليه السلام: اجعلوا أمركم هذا لله، ولا تجعلوه للناس فاما ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء، ولا تخاصموا بدينكم الناس فان المخاصمة ممرضة للقلب، ان الله عزوجل قال لنبيه صلى الله عليه واله: (انك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء) وقال: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) ذروا الناس فان الناس أخذوا عن الناس وانكم أخذتم عن رسول الله صلى الله عليه واله و

___________________________________

(1) وقد تفرد العلامة الامينى دام ظله في كتابه (الغدير) بابا في اسلام ابى طالب والذب عما قيل في عدم اسلامه سلام الله عليه وذكر طرفا من اشعاره وكلماته المنبئة عن ايمانه بالنبى صلى الله عليه وآله وبما جاء به من الله الحكيم فراجع ج 7: 331 - 409 وج 8: 3 - 29.

ط طهران [ * ]

[135]

على عليه السلام ولا سواء، وانى سمعت أبى عليه السلام يقول: اذا كتب الله على عبد أن يدخله في هذا الامر كان أسرع اليه من الطير إلى وكره، وفى كتاب التوحيد مثله سواء.

92 - في امالى شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى جبير بن نوف ان أمير المؤمنين عليه السلام كتب إلى معاوية وأصحابه يدعوهم إلى الحق وذكر الكتاب بطوله قال: فكتب اليه معاوية اما بعد انه: ليس بينى وبين عمرو عتاب * غير طعن الكلى وضرب الرقاب فلما وقف أمير المؤمنين عليه السلام على جوابه بذلك قال: (انك لا تهدى من أحببت و لكن الله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم).

93 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله: ان نتبع الهدى معك نتخطف من ارضنا قال: نزلت في قريش حين دعاهم رسول الله صلى الله عليه واله إلى الاسلام والهجرة (وقالوا ان نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا) فقال الله عزوجل: او لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى اليه ثمرات كل شئ رزقا من لدنا ولكن اكثرهم لا يعلمون.

94 - في كشف المحجة لابن طاوس عليه الرحمة عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه: فاما الايات اللواتى في قريش فهى قوله إلى قوله: والثالثة قول قريش لنبى الله حين دعاهم إلى الاسلام والهجرة فقالوا: (ان نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا) فقال الله: (او لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى اليه ثمرات كل شئ رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون).

95 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال على بن الحسين عليهما السلام: كان أبوطالب يضرب عن رسول الله صلى الله عليه واله إلى أن قال: فقال أبوطالب: يا ابن اخ إلى الناس كافة ارسلت ام إلى قومك خاصة؟ قال: لا بل إلى الناس أرسلت كافة الابيض والاسود والعربى والعجمى، والذى نفسى بيده لادعون إلى هذا الامر الابيض و الاسود ومن على رؤس الجبال ومن في لجج البحار، ولادعون السنة فارس والروم فتحيرت قريش واستكبرت وقالت: أما تسمع إلى ابن اخيك وما يقول، والله لو سمعت

[136]

بهذا فارس والروم لاختطفتنا من أرضنا ولقلعت الكعبة حجرا حجرا فانزل الله تبارك وتعالى: (وقالوا ان نتبع الهدى معك نتخطف من ارضنا أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى اليه ثمرات كل شئ) إلى آخر الاية.

96 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله عزوجل: (ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين) فان العامة قد رووا ان ذلك في القيامة، واما الخاصة فانه حدثنى أبى عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبى عن عبدالحميد الطائى عن محمد بن مسلم عن ابى عبدالله عليه السلام قال: ان العبد اذا دخل قبره جاء‌ه منكر وفزع منه يسأل عن النبى صلى الله عليه واله فيقال له: ماذا تقول في هذا الرجل الذى كان بين أظهركم؟ فان كان مؤمنا قال: اشهد انه رسول الله جاء بالحق فيقال له: ارقد رقدة لا حلم فيها ويتنحى عنه الشيطان، ويفسح له في قبره سبعة أذرع، ويرى مكانه في الجنة قال: واذا كان كافرا قال: ما أدرى فيضرب ضربة يسمعها كل من خلق الله الا الانسان، ويسلط عليه الشيطان، وله عينان من نحاس أو نار تلمعان كالبرق الخاطف فيقول له: انا اخوك ويسلط عليه الحيات والعقارب، ويظلم عليه قبره ثم يضغطه ضغطة يختلف أضلاعه عليه، ثم قال باصابعه فشرجها(1).

97 - قوله عزوجل: وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة قال: يختار الله عزوجل الامام وليس لهم ان يختاروا.

98 - في اصول الكافى ابوالقاسم بن العلا رحمه الله رفعه عن عبدالعزيز بن مسلم عن الرضا عليه السلام حديث طويل في فضل الامام وصفاته يقول فيه عليه السلام: هل يعرفون قدر الامامة ومحلها من الامة فيجوز فيها اختيارهم إلى قوله عليه السلام: لقد راموا صعبا وقالوا

___________________________________

(1) قال المجلسى (ره) في البحار: (ثم قال بأصابعه) القول هنا بمعنى الفعل اى أدخل أصابعه بعضها في بعض لتوضيح اختلاف الاضلاع، اى تدخل اضلاعه من جانب في أضلاعه من جانب آخر وقوله (شرجها) في اكثر النسخ بالجيم، قال الفيروزآبادى: الشرج: الفرقة والمزج والجمع ونضد اللبن والتشريج: الخياطة المتباعدة.

وتشرج اللحم بالشحم: تداخل (انتهى) وفى بعض النسخ بالحاء المهملة اى اوضح وبين اختلاف الاضلاع.

[ * ]

[137]

افكا وضلوا ضلالا بعيدا، ووقعوا في الحيرة اذ تركوا الامام عن بصيرة، زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين، رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله إلى اختيارهم، والقرآن يناديهم: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون) وقال عزوجل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم).

99 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سعد بن عبدالله القمى عن الحجة القائم عليه السلام حديث طويل وفيه: قلت: فأخبرنى يا ابن مولاى عن العلة التى تمنع القوم من اختيار الامام لانفسهم؟ قال: مصلح ام مفسد؟ قلت: مصلح، قال: فهل يجوز ان تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح او فساد؟ قلت: بلى.

قال: فهى العلة، وأوردها لك ببرهان ينقاد لك عقلك.

ثم قال عليه السلام: اخبرنى عن الرسل الذين اصطفاهم الله عزوجل وانزل عليهم الكتب وايدهم بالوحى والعصمة اذ هم اعلام الامم اهدى إلى الاختيار منهم مثل موسى وعيسى عليهم السلام هل يجوز مع وفور عقلهما اذ هما بالاختيار ان تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان انه مؤمن؟ قلت: لا قال: هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحى عليه اختار من اعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه عزوجل سبعين رجلا ممن لا يشك في ايمانهم واخلاصهم، فوقع خيرته على المنافقين قال الله عزوجل: (واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا) إلى قوله: (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله عزوجل للنبوة واقعا على الافسد دون الاصلح وهو يظن انه الاصلح دون الافسد، علمنا ان الاختيار لا يجوز أن يفعل الا ممن يعلم ما تخفى الصدور، وتكن الضماير، وتنصرف اليه السرائر، وان لا خطر لاختيار المهاجرين والانصار بعد وقوع خيرة الانبياء على ذوى الفساد لما أرادوا أهل الصلاح.

100 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام في كلام طويل: وتعلم ان نواصى الخلق بيده فليس له نفس ولا لحظة الا بقدرته ومشيته.وهم عاجزون عن اتيان

[138]

اقل شئ في مملكته الا باذنه وارادته، قال الله عزوجل: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة من امرهم سبحان الله وتعالى عما يشركون).

101 - في تفسير على بن ابراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبيجعفر عليه السلام في قوله: ونزعنا من كل امة شهيدا يقول: من هذه الامة امامها فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا ان الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون.

102 - في مجمع البيان: ان قارون كان من قوم موسى اى كان من بنى اسرائيل ثم من سبط موسى وهو ابن خالته عن عطا عن ابن عباس وروى ذلك عن أبيعبدالله عليه السلام.

103 - في تفسير على بن ابراهيم، وآتيناه من الكنوز ما ان مفاتحه لتنوء بالعصبة اولى القوة والعصبة ما بين العشرة إلى تسعة عشر(1) قال: كان يحمل مفاتيح خزائنه العصبة اولوا القوة.

104 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبيبصير عن أبيعد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وما يكون اولوا قوة الا عشرة آلاف.

قال عز من فائل: اذ قال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين.

105 - في كتاب الخصال عن أبيعد الله عن أبيه عليهما السلام قال: أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى عليه السلام لا تفرح بكثرة المال، ولا تدع ذكرى على كل حال، فان كثرة المال تنسى الذنوب، وترك ذكرى ينسى القلوب.

106 - عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه: والفرح مكروه عند الله عزوجل.

107 - في كتاب التوحيد باسناده إلى أبان الاحمر عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام انه جاء اليه رجل فقال له: بأبى أنت وامى عظنى موعظة، فقال عليه السلام: ان كانت العقوبة من الله عزوجل حقا فالفرح لماذا؟ والحديث طويل أخذنا منه

___________________________________

(1) وفى بعض النسخ (خمسة عشر) بدل (تسعة عشر).

[ * ]

[139]

موضع الحاجة.

قال عز من قائل: وابتغ فيما آتاك الله الدار الاخرة.

108 - في الكافى على بن ابراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن أبى الحسن على بن يحيى عن أيوب بن اعين عن أبيحمزة عن أبيجعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: يؤتى يوم القيامة برجل فيقال: احتج، فيقول: يا رب خلقتنى وهديتنى وأوسعت على فلم أزل أوسع على خلقك وأيسر عليهم لكى تنشر على هذا اليوم رحمتك وتيسره فيقول الرب جل ثناؤه وتعالى: صدق عبدى ادخلوه الجنة.

109 - في كتاب معانى الاخبار باسناده إلى موسى بن اسمعيل بن موسى بن جعفر قال: حدثنى أبى عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على بن ابى طالب عليهم السلام في قول الله عزوجل: ولا تنس نصيبك من الدنيا قال: لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك ان تطلب بها الاخرة.

110 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: فساد الظاهر من فساد الباطن ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن خان الله في السر هتك الله ستره في العلانية وأعظم الفساد أن يرضى العبد بالغفلة عن الله تعالى، وهذا الفساد يتولد من طول الامل والحرص والكبر، كما أخبر الله تعالى في قصة قارون في قوله: ولا تبغ الفساد في الارض ان الله لا يحب المفسدين وكانت هذه الخصال من صنع قارون واعتقاده، وأصلها من حب الدنيا وجمعها ومتابعة النفس وهواها، واقامة شهواتها وحب المحمدة وموافقة الشيطان واتباع خطواته وكل ذلك مجتمع تحت الغفلة عن الله ونسيان مننه.

111 - في تفسير على بن ابراهيم فقال قارون كما حكى الله عزوجل: انما اوتيته على علم عندى يعنى ماله وكان يعمل الكيميا فقال الله عزوجل: او لم يعلم ان الله قد اهلك من قبله من القرون من هو اشد قوة واكثر جمعا ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون اى لا يسئل من كان قبلهم عن ذنوب هؤلاء فخرج على قومه في زينته قال: في الثياب المصبغات يجرها بالارض فقال الذين يريدون الحيوة الدنيا ياليت

[140]

لنا مثل ما اوتى قارون انه لذو حظ عظيم فقال لهم لخاص من اصحاب موسى (ع): ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها الا الصابرون فخسفنا به وبداره الارض.

112 - في كتاب الخصال عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين في الجامع بالكوفة فقال: يا امير المؤمنين اخبرنى عن يوم الاربعاء والتطير منه و ثقله واى اربعاء هو؟ فقال عليه السلام: آخر اربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل اخاه، ويوم الاربعاء القى ابراهيم عليه السلام في النار، ويوم الاربعاء خسف الله بقارون والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

113 - في من لا يحضره الفقيه في مناهى النبى صلى الله عليه واله ونهى أن يختال الرجل في مشيته وقال: من لبس ثوبا فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنم، وكان قرين قارون، لانه اول من اختال فخسف الله به وبداره الارض.

114 - في تفسير على بن ابراهيم وكان سبب هلاك قارون انه انما خرج موسى عليه السلام ببنى اسرائيل من مصر وانزلهم البادية وكانوا يقومون من اول الليل ويأخذون في قرائة التوراة والدعاء والبكاء، وكان قارون منهم وكان يقرأ التوراة ولم يكن فيهم احسن صوتا منه، وكان يسمى المنون لحسن قرائته، وكان يعمل الكيميا، فلما طال الامر على بنى اسرائيل في التيه والتوبة وكان قارون قد امتنع من الدخول معهم في التوبة وكان موسى عليه السلام يحبه، فدخل اليه موسى فقال له: يا قارون قومك في التوبة وأنت قاعد هيهنا؟ ادخل معهم والا ينزل بك العذاب فاستهان به واستهزأ بقوله، فخرج من عنده مغتما فجلس في فناء قصره وعليه جبة شعر ونعلان من جلد حمار شراكهما من خيط شعر بيده العصا، فامر قارون أن يصب عليه رمادا قد خلطه بالماء، فصب عليه فغضب موسى عليه السلام غضبا شديدا وكان في كتفه شعرات اذا غضب خرجت من ثيابه وقطر منها الدم، فقال موسى: يا رب ان لم تغضب لى فلست لك بنبى فأوحى الله عزوجل اليه: قد أمرت الارض ان تطيعك فمرها بما شئت وقد كان قارون

[141]

قد أمر أن يغلق باب القصر، فأقبل موسى عليه السلام فأومى إلى الباب فانفجرت ودخل عليه فلما نظر اليه قارون وعلم انه قد اوتى، قال: يا موسى اسئلك بالرحم الذى بينى وبينك فقال له موسى: يا ابن لاوى لا تزدنى من كلامك، يا أرض خذيه فدخل القصر بما فيه في الارض ودخل قارون في الارض إلى ركبتيه، فبكى وحلفه بالرحم فقال موسى عليه السلام: يا ابن لاوى لا تزدنى من كلامك يا أرض خذيه فابتلعيه بقصره وخزائنه، وهذا ما قال موسى عليه السلام لقارون يوم اهلكه الله عزوجل فعيره الله تبارك وتعالى بما قاله لقارون، فعلم موسى ان الله تبارك وتعالى قد عيره بذلك، فقال: يا رب ان قارون دعانى بغيرك ولو دعانى بك لاجبته، فقال الله عزوجل: يا ابن لاوى لا تزدنى من كلامك، فقال موسى عليه السلام: يا رب لو علمت ان ذلك لك رضى لاجبته، فقال الله عزوجل: وعزتى وجلالى وحق جودى ومجدى وعلو مكانى لو ان قارون كما دعاك دعانى لاجبته، ولكنه لما دعاك وكلته اليك، يا ابن عمران لا تجزع من الموت فانى كتبت الموت على كل نفس وقد مهدت لك مهادا لو قد وردت عليه لقرت عيناك، فخرج موسى عليه السلام إلى جبل طور سيناء مع وصيه وصعد موسى الجبل فنظر إلى رجل قد أقبل ومعه مكتل ومسحاة(1) فقال له موسى عليه السلام ما تريد؟ قال: رجل من اولياء الله قد توفى وانا احفر له قبرا فقال له موسى: افلا اعينك عليه؟ قال: بلى.

قال: فحفر القبر فلما فرغا أراد الرجل ان ينزل إلى القبر فقال له موسى عليه السلام: ما تريد؟ قال ادخل القبر فأنظر كيف مضجعه فقال له موسى: انا اكفيك فدخله موسى فاضطجع فيه، فقبض ملك الموت روحه وانضم عليه الجبل.

115 - وفيه وقد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن سجن طاف أقطار الارض بصاحبه، فقال: يا يهودى أما السجن الذى طاف اقطار الارض بصاحبه فانه الحوت الذى حبس يونس في بطنه فدخل في بحر القلزم، ثم خرج إلى بحر مصر ثم دخل بحر طبرستان ثم خرج في دجلة الغور، قال: ثم مرت به تحت الارض حتى

___________________________________

(1) المكتل: الزنبيل والمسحاة: ما يسحى به اذا كان من حديد وبالفارسية (كلنگ.

بيل) [ * ]

[142]

لحقت بقارون وكان قارون هلك أيام موسى ووكل الله به ملكا يدخله في الارض كل يوم قامة رجل، وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره، فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به: انظرنى فانى اسمع كلام آدمى، فأوحى الله إلى الملك الموكل به انظره فأنظره ثم قال قارون: من أنت؟ قال يونس: انا المذنب الخاطئ يونس بن متى، قال: فما فعل شديد الغضب لله موسى بن عمران؟ قال: هيهات هلك، قال: فما فعل الرؤف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال: هلك قال: فما فعلت كلثم بنت عمران التى كانت سميت لى؟ قال: هيهات ما بقى من آل عمران أحد، فقال قارون: وااسفا على آل عمران، فشكر الله له ذلك فأمر الملك الموكل به ان يرفع عنه العذاب ايام الدنيا فرفع عنه.

116 - في تفسير العياشى عن الثمالى عن أبى جعفر عليه السلام قال: ان يونس لما آذاه قومه وذكر حديثا طويلا وفيه، فألقى نفسه فالتقمه الحوت فطاف به البحار السبعة حتى صار إلى البحر المسجور، وبه يعذب قارون، فسمع قارون دويا فسأل الملك عن ذلك فأخبره انه يونس وان الله حبسه في بطن الحوت.

فقال له قارون: اتأذن لى ان اكلمه؟ فاذن له فسأله عن موسى فأخبره انه مات فبكى، ثم سأله عن هارون فاخبره انه مات فبكى وجزع جزعا شديدا وسأله عن اخته كلثم وكانت مسماة له فأخبره انها ماتت، فبكى وجزع جزعا شديدا فأوحى الله إلى الموكل به: ان ارفع عنه العذاب بقية أيام الدنيا لرقته على قرابته.

117 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستى باسناده إلى النبى صلى الله عليه واله حديث طويل يذكر فيه خروجه عليه السلام للمباهلة وفيه: فلما رجع النبى صلى الله عليه واله بأهله وصار إلى مسجده هبط جبرئيل عليه السلام وقال: يا محمد ان الله يقرئك السلام ويقول: ان عبدى موسى باهل عدوه قارون بأخيه هارون وبنيه فخسفت بقارون وأهله وماله ومن وازره من قومه وبعزتى اقسم وجلالى يا أحمد لو باهلت بك وبمن تحت الكساء من أهلك أهل الارض والخلائق جميعا لتقطعت السماء كسفا، والجبال زبرا ولساخت الارض فلم تستقر

[143]

أبدا الا ان أشاء الله ذلك.

118 - في تفسير على بن ابراهيم فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المستنصرين واصبح الذين تمنوا مكانه بالامس يقولون ويكأن الله قال: هى لفظة سريانية يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا ان من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لايفلح الكافرون حدثنى ابى عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقرى عن حفص بن غياث قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: يا حفص ما منزلة الدنيا من نفسى الا بمنزلة الميتة اذا اضطررت اليها اكلت منها، يا حفص ان الله تبارك و تعالى علم ما العباد عاملون والى ما هم صائرون، فحلم عنهم عند اعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم، فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت، ثم تلا قوله: تلك الدار الاخرة الاية وجعل يبكى ويقول: ذهبت والله الامانى عند هذه الاية، قلت: جعلت فداك فما حد الزهد في الدنيا؟ فقال: قد حد الله عزوجل في كتابه فقال: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

119 - وقال ابوعبدالله عليه السلام ايضا في قوله: علوا في الارض ولا فسادا: العلو الشرف والفساد البناء.

120 - في نهج البلاغة فلما نهضت بالامر نكثت طائفة ومرقت اخرى وفسق آخرون كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه اذ يقول: (تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) بلى والله لقد سمعوها ووعوها، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها.

121 - في امالى شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى ابن مسعود انه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله في كلام طويل: اوصيكم بتقوى الله وأوصى الله بكم (انى لكم نذير مبين) الا تعلوا على الله في عباده وبلاده فان الله تعالى قال لى ولكم: (تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)

[144]

122 - في مجمع البيان وروى زاذان عن أمير المؤمنين عليه السلام انه كان يمشى في الاسواق وهو وال يرشد الضال ويعين الضعيف ويمر بالبياع والبقال فيفتح عليه القرآن ويقرأ (تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا) ويقول، نزلت هذه الاية في أهل العدل والتواضع من الولاة، وأهل القدرة من ساير الناس.

وروى سلام الاعرج عن أمير المؤمنين عليه السلام ايضا قال: الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الاية: (تلك الدار الاخرة) الاية.

124 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله يقول على بن موسى بن طاوس: رأيت في تفسير الطبرسى عند تفسير هذه الاية قال: وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: ان الرجل ليعجبه ان يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها (انتهى).

اقول: وهذا الحديث منقول في جوامع الجامع فكأنه المراد.

125 - في تفسير على بن ابراهيم حدثنى أبى عن حماد عن حريز عن أبيجعفر عليه السلام قال: انه سئل عن جابر فقال: رحم الله جابرا بلغ من فقهه انه كان يعرف تأويل هذه الاية ان الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد يعنى الرجعة.

126 - قال وحدثنى أبى عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبى عن عبدالحميد الطائى عن أبى خالد الكابلى عن على بن الحسين صلوات الله عليهما في قوله عزوجل: (ان الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) قال: يرجع اليكم نبيكم صلى الله عليه واله وأمير المؤمنين والائمة صلوات الله عليهم حدثنى أبى عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر قال: ذكر عند أبيجعفر عليه السلام جابر فقال: رحم الله جابرا لقد بلغ من علمه انه كان يعرف تأويل هذه الاية (ان الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) يعنى الرجعة.

127 - في اصول الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن على بن النعمان عن سيف بن عميرة عمن ذكره عن الحارث بن المغيرة النصرى قال: سئل

[145]

ابوعبدالله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: كل شئ هالك الا وجهه فقال: ما يقولون فيه؟ قلت: يقولون: يهلك كل شئ الا وجه الله، فقال: سبحان الله لقد قالوا قولا عظيما انما عنى بذلك وجه الله الذى يؤتى منه.

128 - احمد بن ادريس عن محمد بن عبدالجبار عن صفوان بن يحيى عن فضيل بن عثمان عن أبى يعفور قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: (هو الاول و الاخر) وقلت: اما الاول فقد عرفناه واما الاخر فبين لنا تفسيره، فقال: انه ليس شئ الا يبيد أو يتغير أو يدخله الغير والزوال وينتقل من لون إلى لون ومن هيئة إلى هيئة ومن صفة إلى صفة، ومن زيادة إلى نقصان، ومن نقصان إلى زيادة الا رب العالمين فانه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة، هو الاول قبل كل شئ وهو الاخر على ما لم يزل ولا تختلف عليه الصفات والاسماء كما تختلف على غيره، مثل الانسان الذى يكون ترابا مرة ومرة لحما ودما ومرة رفاتا ورميما، وكالبسر الذى يكون مرة بلحا ومرة بسرا ومرة رطبا ومرة تمرا(1) فتتبدل عليه الاسماء والصفات والله عزوجل بخلاف ذلك.

129 - في تفسير على بن ابراهيم حدثنى أبى عن ابن أبيعمير عن منصور بن يونس عن ابيحمزة عن ابيجعفر عليه السلام في قوله: (كل شئ هالك الا وجهه) قال: فيفنى كل شئ ويبقى الوجه، الله أعظم من أن يوصف، لا ولكن معناها: كل شئ هالك الا دينه ونحن الوجه الذى يؤتى الله منه لم نزل في عباده ما دام لله فيهم روية، فاذا لم يكن لله فيهم روية رفعنا اليه ففعل بنا ما أحب، قلت: جعلت فداك فما الروية؟ قال: الحاجة.

130 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه: واما قوله: (كل شئ هالك الا وجهه) فالمراد كل شئ هالك الا دينه، لان من المحال أن يهلك منه كل شئ ويبقى الوجه، هو أجل وأعظم من ذلك

___________________________________

(1) البسر: التمر قبل ارطابه وذلك اذا لون ولم ينضج، وقبله البلح، والرطب: نضيج البسر قبل ان يتمر.

والتمر: اليابس من ثمر النخل.

واول التمر طلع ثم خلال ثم بلح ثم بسر ثم رطب ثم تمر.

[ * ]

[146]

وانما يهلك من ليس منه، الا ترى انه قال: (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك) ففصل بين خلقه ووجهه.

131 - في كتاب التوحيد باسناده إلى أبيحمزة قال: قلت: لابيجعفر عليه السلام: قول الله عزوجل: (كل شئ هالك الا وجهه) قال: يهلك كل شئ ويبقى الوجه، ان الله أعظم من ان يوصف بالوجه، ولكن معناه: كل شئ هالك الا دينه والوجه الذى يؤتى منه.

132 - وباسناده إلى الحارث بن المغيرة النصرى قال: سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: (كل شئ هالك الا وجهه) قال: كل شئ هالك الا من أخذ طريق الحق وفى محاسن البرقى مثله الا ان آخره: من أخذ الطريق الذى انتم عليه.

133 - وفى كتاب التوحيد باسناده إلى صفوان الجمال عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: (كل شئ هالك الا وجهه) قال: من اتى الله بما أمر به من طاعة محمد والائمة من بعده صلوات الله عليهم فهو الوجه الذى لا يهلك ثم قرأ: (من يطع الرسول فقد أطاع الله).

134 - وباسناده ايضا إلى صفوان قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: نحن وجه الله الذى لا يهلك.

135 - وباسناده إلى صالح بن سعيد عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: (كل شئ هالك الا وجهه) نحن.

136 - وباسناده إلى خيثمة قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: (كل شئ هالك الا وجهه) قال: دينه وكان رسول الله صلى الله عليه واله وأمير المؤمنين عليه السلام دين الله ووجهه وعينه في عباده، ولسانه الذى ينطق به، ويده على خلقه، ونحن وجه الله الذى يؤتى منه، ولن نزال في عباده ما دامت لله فيهم روية.

قلت: وما الروية؟ قال: الحاجة فاذا لم يكن لله فيهم حاجة رفعنا اليه وصنع ما أحب.

137 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله عزوجل: فلا تكونن يا محمد ظهيرا

[147]

للكافرين فقال: المخاطبة للنبى صلى الله عليه واله والمعنى للناس، وقوله عزوجل: (ولا تدع مع الله الها) المخاطبة للنبى صلى الله عليه واله والمعنى للناس وهو قول الصادق صلوات الله عليه: ان الله عزوجل بعث نبيه صلى الله عليه واله باياك أعنى واسمعى يا جارة(1).


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=1934
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29