• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : تفسير الصافي ( الجزء الرابع) ، تأليف : المولى محسن الملقب بـ « الفيض الكاشاني » .
                    • الموضوع : سورة الدخان .

سورة الدخان

[ 403 ]

سورة الدخان

مكية عدد آيها تسع وخمسون آية كوفي سبع بصري ست في الباقين بسم الله الرحمن الرحيم (1) حم (2) والكتاب المبين (3) إنآ أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين (4) فيها يفرق كل أمر حكيم في المجمع عن الباقر والصادق عليهما السلام أي أنزلنا القرآن والليلة المباركة هي ليلة القدر والقمي عنهما وعن الكاظم عليهم السلام مثله وزاد أنزل الله سبحانه القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة ثم نزل من البيت المعمور على رسول الله صلى الله عليه وآله في طول عشرين سنة فيها يفرق يعني في ليلة القدر كل أمر حكيم أي يقدر الله عز وجل كل أمر من الحق والباطل وما يكون في تلك السنة وله فيه البداء والمشيئة يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء من الاجال والأرزاق والبلايا والأعراض والأمراض ويزيد فيه ما يشاء وينقص ما يشاء ويلقيه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام ويلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمة عليهم السلام حتى ينتهي ذلك الى صاحب الزمان عليه السلام ويشترط له فيه البداء والمشية والتقديم والتأخير وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال قال الله عز وجل في ليلة القدر فيها

[ 404 ]

يفرق كل أمر حكيم يقول ينزل فيها كل أمر حكيم والمحكم ليس بشيئين إنما هو شئ واحد فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عز وجل ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت أنه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الامور سنة سنة يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا وفي أمر الناس كذا وكذا وأنه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كل يوم علم الله الخاص والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر ثم قرأ ولو أن ما في الارض من شجرة أقلام الاية وعنه عليه السلام قال يا معشر الشيعة خاصموا بحم والكتاب المبين إنآ أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فإنها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وعنه عليه السلام قال لما قبض أمير المؤمنين عليه السلام قام الحسن بن علي عليهما السلام في مسجد الكوفة فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال أيها الناس إنه قد قبض في هذه الليلة رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الاخرون ثم قال والله لقد قبض في الليلة التي قبض فيها وصي موسى عليه السلام يوشع بن نون عليه السلام والليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم والليلة التي نزل فيها القرآن وقد مضى في المقدمة التاسعة من هذا الكتاب كلام في هذا الباب ويأتي تمام الكلام فيه في سورة القدر إنشاء الله وعن الكاظم عليه السلام إنه سأله نصراني عن تفسير هذه الاية في الباطن فقال أما حم فهو محمد صلى الله عليه وآله وهو في كتاب هود الذي انزل عليه وهو منقوص الحروف وأما الكتاب المبين فهو أمير المؤمنين علي عليه السلام وأما الليلة ففاطمة عليها السلام وأما قوله فيها يفرق كل أمر حكيم يقول يخرج منها خير كثير فرجل حكيم ورجل حكيم ورجل حكيم فقال الرجل صف لي الأول والاخر من هؤلاء الرجال فقال إن الصفات تشتبه ولكن الثالث من القوم أصف لك ما يخرج من نسله وأنه عندكم لفي الكتب التي نزلت عليكم إن لم تغيروا وتحرفوا وتكفروا وقديما ما فعلتم الحديث

[ 405 ]

(5) أمرا من عندنا على مقتضى حكمتنا إنا كنا مرسلين من عادتنا إرسال الرسل بالكتب (6) رحمة من ربك وضع الرب موضع الضمير إشعار بأن الربوبية اقتضت ذلك فإنه أعظم أنواع التربية إنه هو السميع العليم يسمع أقوال العباد ويعلم أحوالهم (7) رب السموات والارض وما بينهما وقرئ بالجر إن كنتم موقنين علمتم أن الأمر كما قلنا (8) لا إله إلا هو إذ لا خالق سواه يحيى ويميت كما تشاهدون ربكم ورب آبآئكم الاولين (9) بل هم في شك يلعبون رد لكونهم موقنين (10) فارتقب فانتظر لهم يوم تأتى السماء بدخان مبين (11) يغشى الناس يحيط بهم هذا عذاب أليم روي في حديث أشراط الساعة أول الايات الدخان ونزول عيسى عليه السلام ونار تخرج من قعر عدن ابين تسوق الناس إلى المحشر قيل وما الدخان فتلا رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الاية وقال يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوما وليلة أما المؤمن فيصيبه كهيئة الزكام وأما الكافر فهو كالسكران يخرج من منخريه واذنيه ودبره أقول: أبين بسكون الموحدة وفتح المثناة من تحت رجل ينسب إليه عدن وفي الجوامع عن علي عليه السلام دخان يأتي من السماء قبل قيام الساعة يدخل في أسماع الكفرة حتى يكون رأس الواحد كالرأس الحنيذ ويعتري المؤمن منه كهيئة الزكام ويكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص يمتد ذلك أربعين يوما والقمي قال ذلك إذا خرجوا في الرجعة من القبر يغشي الناس كلهم الظلمة فيقولون هذا عذاب أليم

[ 406 ]

(12) ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون وعد بالأيمان أن يكشف العذاب عنهم (13) أنى لهم الذكرى من أين لهم وكيف يتذكرون بهذه الحالة وقد جائهم رسول مبين أبان لهم ما هو أعظم منها في ايجاب الأذكار من الايات والمعجزات (14) ثم تولوا عنه وقالوا معلم قيل يعني يعلمه غلام أعجمي لبعض ثقيف مجنون القمي قال قالوا ذلك لما نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله فأخده الغشي فقالوا هو مجنون (15) إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون قيل يعني إلى الكفر غب الكشف والقمي يعني إلى القيامة وقال ولو كان قوله تعالى يوم تأتى السماء بدخان مبين في القيامة لم يقل إنكم عائدون لأنه ليس بعد الاخرة والقيامة حالة يعودون إليها (16) يوم نبطش البطشة الكبرى القمي قال القيامة والبطش التناول بصولة إنا منتقمون (17) ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون إختبرناهم وجآئهم رسول كريم (18) أن أدوا إلى عباد الله أرسلوهم معي أو أدوا إلي حق الله من الأيمان وقبول الدعوة يا عباد الله القمي أي ما فرض الله من الصلاة والزكاة والصوم والحج والسنن والأحكام إنى لكم رسول أمين غير متهم (19) وأن لا تعلوا على الله ولا تتكبروا عليه بالأستهانة بوحيه ورسوله إنى آتيكم بسلطان مبين قيل ولذكر الأمين مع الأداء والسلطان مع العلاء شأن لا يخفى (20) وإنى عذت بربي وربكم إلتجأت إليه وتوكلت عليه أن ترجمون أن تؤذوني ضربا أو شتما (21) وإن لم تؤمنوا لى فاعتزلون فكونوا بمعزل مني لا علي ولا لي

[ 407 ]

(22) فدعا ربه بعد ما كذبوه أن هؤلاء قوم مجرمون قيل هو تعريض بالدعاء عليهم بذكر ما استوجبوه به ولذلك سماه دعاء (23) فأسر بعبادي ليلا أي أوحى الله إليه أن أسر إنكم متبعون يتبعكم فرعون وجنوده إذا علموا بخروجكم (24) واترك البحر رهوا القمي أي جانبا أو خذ على الطريق وقيل أي مفتوحا ذا فجوة واسعة أو ساكنا على هيئته إنهم جند مغرقون (25) كم تركوا كثيرا تركوا من جنات وعيون (26) وزروع ومقام كريم محافل مزينة ومنازل حسنة (27) ونعمة وتنعم كانوا فيها فاكهين متنعمين القمي قال النعمة في الأبدان فاكهين أي مفاكهين النساء (28) كذلك وأورثناها قوما آخرين (29) فما بكت عليهم السماء والارض قيل مجاز عن عدم الأكتراث بهلاكهم والأعتداد بوجودهم القمي عن أمير المؤمنين عليه السلام إنه مر عليه رجل عدو لله ولرسوله فقال فما بكت عليهم السماء والارض وما كانوا منظرين ثم مر عليه الحسين عليه السلام ابنه فقال لكن هذا لتبكين عليه السماء والأرض وقال وما بكت السماء والارض إلا على يحيى بن زكريا عليه السلام وعلى الحسين بن علي عليهما السلام وفي المجمع عن الصادق عليه السلام قال بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن علي عليهم السلام أربعين صباحا ولم تبك إلا عليهما قيل فما بكاءهما قال كانت تطلع حمراء وتغيب حمراء وفي المناقب عنه عليه السلام قال بكت السماء على الحسين عليه السلام أربعين يوما بالدم

[ 408 ]

وعن القائم عليه السلام ذبح يحيى عليه السلام كما ذبح الحسين عليه السلام ولم تبك السماء والأرض إلا عليهما وما كانوا منظرين ممهلين إلى وقت آخر (30) ولقد نجينا بنى إسرائيل من العذاب المهين من استعباد فرعون وقتله أبنائهم (31) من فرعون إنه كان عاليا متكبرا من المسرفين في العتو والشرارة (32) ولقد اخترناهم على علم بأنهم أحقاء بذلك على العالمين على عالمي زمانهم القمي فلفظه عام ومعناه خاص (33) وآتيناهم من الايات كفلق البحر وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى ما فيه بلاء مبين نعمة جلية أو اختبار ظاهر (34) إن هؤلاء أي كفار قريش فإن قصة فرعون كانت معترضة ليقولون (35) إن هي إلا موتتنا الاولى ما العاقبة ونهاية الأمر إلا الموتة المزيلة للحياة الدنيوية وما نحن بمنشرين بمبعوثين (36) فأتوا بابآئنآ إن كنتم صادقين في وعدكم (37) أهم خير أم قوم تبع تبع الحميري الذي سار بالجيوش وحيز الحيرة كان مؤمنا وقومه كافرين ولذلك ذمهم دونه في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم وعن الصادق عليه السلام إن تبعا قال للأوس والخزرج كونوا هيهنا حتى يخرج هذا النبي أما أنا فلو أدركته لخدمته وخرجت معه والذين من قبلهم كعاد وثمود أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين كما أن هؤلاء مجرمون (38) وما خلقنا السموات والارض وما بينهما لاعبين لاهين فيه تنبيه على ثبوت الحشر

[ 409 ]

(39) ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون لقلة نظرهم (40) إن يوم الفصل فصل الحق عن الباطل والمحق عن المبطل ميقاتهم وقت موعدهم اجمعين (41) يوم لا يغنى مولى عن مولى أي مولى كان شيئا شيئا من الأغناء وهم لا ينصرون (42) إلا من رحم الله بالعفو عنه وقبول الشفاعة فيه إنه هو العزيز لا ينصر منه من أراد تعذيبه الرحيم لمن أراد أن يرحمه في الكافي عن الصادق عليه السلام أنه قرئ عليه هذه الاية فقال نحن والله الذي يرحم الله ونحن والله الذي استثنى الله لكنا نغني عنهم وعنه عليه السلام ما استثنى الله عز وجل ذكره بأحد من أوصياء الأنبياء ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته فقال في كتابه وقوله الحق يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا وهم لا ينصرون إلا من رحم الله يعني بذلك عليا عليه السلام وشيعته والقمي قال من والى غير أولياء الله لا يغني بعضهم عن بعض ثم استثنى من والى آل محمد صلوات الله عليهم فقال إلا من رحم الله الاية (43) إن شجرة الزقوم مر معناه في سورة الصافات (44) طعام الاثيم الكثير الاثام القمي نزلت في أبي جهل (45) كالمهل قيل ما هو يمهل في النار حتى يذوب القمي قال المهل الصفر المذاب تغلى في البطون وقرئ بالياء (46) كغلى الحميم القمي وهو الذي قد حمى وبلغ المنتهى (47) خذوه على إرادة القول والمقول له الربانية فاعتلوه فجروه والعتل الأخذ بمجامع الشئ وجره بقهر وقرئ بالظم إلى سوآء الجحيم وسطه والقمي أي

[ 410 ]

فاضغطوه من كل جانب ثم أنزلوا به إلى سواء الجحيم (48) ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم من عذاب هو الحميم (49) ذق إنك أنت العزيز الكريم أي وقولوا له ذلك استهزاء به القمي وذلك أن أبا جهل كان يقول أنا العزيز الكريم فيعير بذلك في النار وفي الجوامع روي أن أبا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه وآله ما بين جبليها أعز ولا أكرم مني وقرئ إنك بالفتح أي لأنك (50) إن هذا هذا العذاب ما كنتم به تمترون تشكون وتمارون فيه (51) إن المتقين في مقام في موضع إقامة وقرئ بفتح الميم أمين يأمن صاحبه عن الافة والأنتقال (52) في جنات وعيون (53) يلبسون من سندس وإستبرق السندس ما رق من الحرير والأستبرق ما غلظ منه متقابلين في مجالسهم ليستأنس بعضهم ببعض (54) كذلك الأمر كذلك وزوجناهم بحور عين قرناهم بهن ولذلك عدى بالباء والحوراء البيضاء والعيناء عظيم العينين في الكافي عن الباقر عليه السلام قال إذا أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار بعث رب العزة عليا عليه السلام فأنزلهم منازلهم من الجنة فزوجهم فعلي والله الذي يزوج أهل الجنة في الجنة وما ذاك إلى أحد غيره كرامة من الله وفضلا فضله الله ومن به عليه والقمي عن الصادق عليه السلام قال المؤمن يزوج ثمان ماة عذراء وألف في الكافي عن الباقر عليه السلام قال إذا أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار بعث رب العزة عليا عليه السلام فأنزلهم منازلهم من الجنة فزوجهم فعلي والله الذي يزوج أهل الجنة في الجنة وما ذاك إلى أحد غيره كرامة من الله وفضلا فضله الله ومن به عليه والقمي عن الصادق عليه السلام قال المؤمن يزوج ثمان ماة عذراء وألف ثيب وزوجتين من الحور العين (55) يدعون فيها بكل فاكهة يطلبون ويأمرون باحضار ما يشتهون من الفواكه لا يتخصص شئ منها بمكان ولا زمان آمنين من الضرر

[ 411 ]

(56) لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الاولى التي في الدنيا حين يشارف الجنة ويشاهدها بل يحيون فيها دائما ووقيهم عذاب الجحيم (57) فضلا من ربك اعطوا ذلك كله تفضلا منه ذلك هو الفوز العظيم لأنه خلاص عن المكاره وفوز بالمطالب (58) فإنما يسرناه بلسانك سهلناه حيث أنزلناه بلغتك وهو فذلكة للسورة لعلهم يتذكرون يفهمونه فيتذكرون به لما لم يتذكروا (59) فارتقب فانتظر ما يحل بهم إنهم مرتقبون منتظرون ما يحل بك في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر عليه السلام من أدمن سورة الدخان في فرائضه ونوافله بعثه الله من الامنين يوم القيامة وظلله تحت عرشه وحاسبه حسابا يسيرا وأعطاه كتابه بيمينه وفي الكافي عنه عليه السلام إنه سئل كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة قال إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة ماة مرة فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سألت عنه.

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=1132
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28