• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : تفسير الصافي ( الجزء الرابع) ، تأليف : المولى محسن الملقب بـ « الفيض الكاشاني » .
                    • الموضوع : سورة الصافات .

سورة الصافات

[ 264 ]

سورة الصافات

مكية عدد آيها ماة وإحدى وثمانون آية بصري وآيتان في الباقي واختلافها آيتان وما كانوا يعبدون غير البصري وكلهم يعدون وإن كانوا ليقولون غير أبي جعفر بسم الله الرحمن الرحيم (1) والصافات صفا القمي قال الملائكة والأنبياء ومن صف لله وعبده (2) فالزاجرات زجرا قال الذين يزجرون الناس (3) فالتاليات ذكرا قال الذين يقرءون الكتاب من الناس قال فهو قسم وجوابه (4) إن إلهكم لواحد (5) رب السموات والارض وما بينهما ورب المشارق مشارق الكواكب أو مشارق الشمس فإن لها كل يوم مشرقا وبحسبها المغارب ولذا إكتفى بذكرها مع أن الشروق أدل على القدرة وأبلغ في النعمة (6) إنا زينا السماء الدنيا القربى منكم بزينة الكواكب وقرئ بتنوين زينة وجر الكواكب ونصبها (7) وحفظا من كل شيطان مارد برمي الشهب القمي قال المارد الخبيث (8) لا يسمعون إلى الملاء الاعلى الملائكة وأشرافهم وقرئ بالتشديد من التسمع وهو تطلب السماع ويقذفون ويرمون القمي يعني الكواكب التي يرمون بها من كل جانب من جوانب السماء إذا قصدوا صعوده (9) دحورا للدحور وهو الطرد ولهم عذاب واصب

[ 265 ]

القمي عن الباقر عليه السلام أي دائم موجع قد وصل إلى قلوبهم (10) إلا من خطف الخطفة اختلس كلام الملائكة مسارقة فأتبعه فتبعه شهاب ثاقب مضئ كأنه يثقب الجو بضوئه والشهاب ما يرى كأن كوكبا انقض القمي وهو ما يرمون به فيحرقون وعن الصادق عليه السلام في حديث المعراج قال فصعد جبرئيل فصعدت معه إلى السماء الدنيا وعليها ملك يقال له إسماعيل وهو صاحب الخطفة التي قال الله إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب وتحته سبعون ألف ملك تحت كل ملك سبعون ألف ملك الحديث وقد مر (11) فاستفتهم فاستخبرهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا (1) من الملائكة والسموات والأرض وما بينهما والمشارق والكواكب والشهب الثواقب إنا خلقناهم من طين لازب القمي يعني يلزق باليد (12) بل عجبت من قدرة الله وانكارهم البعث وقرئ بضم التاء ونسبها في الجوامع إلى علي عليه السلام ويسخرون من تعجبك أو ممن يصفني بالقدرة (13) وإذا ذكروا لا يذكرون وإذا وعظوا بشئ لا يتعظون به أو إذا ذكر لهم ما يدل على صحة الحشر ما ينتفعون به لبلادتهم وقلة فكرهم (14) وإذا رأوا آية معجزة تدل على صدق القائل به يستسخرون يبالغون في السخرية ويقولون إنه سحر أو يستدعي بعضهم من بعض أن يسخر منها (15) وقالوا إن هذا يعنون ما يرونه إلا سحر مبين ظاهر سحريته (16) أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون بالغوا في الأنكار ولا سيما في

______________________________ـــ

(1) وقيل من الامم الماضية والقرون السالفة. يريد انهم ليسوا بأحكم خلقا من غيرهم ممن أهلكنا من الامم. (*)

[ 266 ]

هذه الحال وقرئ بطرح الهمزة الاولى تارة والثانية اخرى (17) أو ابآؤنا الاولون وقرئ بسكون الواو في أو (18) قل نعم وأنتم داخرون صاغرون (19) فإنما هي زجرة واحدة فإنما البعثة صيحة واحدة هي النفخة الثانية من زجر الراعي غنمه إذا صاح عليها فإذا هم ينظرون فإذا هم قيام من مراقدهم أحياء يبصرون أو ينتظرون ما يفعل بهم (20) وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين يوم الحساب والمجازاة (21) هذا يوم الفصل الذى كنتم به تكذبون جواب الملائكة أو قول بعضهم لبعض والفصل والقضاء والفرق بين المحسن والمسئ (22) احشروا الذين ظلموا القمي قال الذين ظلموا آل محمد صلوات الله عليهم حقهم وأزواجهم وأشباههم وما كانوا يعبدون من (23) دون الله من الأصنام وغيرها زيادة في تحسيرهم وتخجيلهم فاهدوهم إلى صراط الجحيم القمي عن الباقر عليه السلام يقول ادعوهم إلى طريق الجحيم (24) وقفوهم إحبسوهم في الموقف إنهم مسولون قيل عن عقائدهم وأعمالهم والقمي قال عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ومثله في الأمالي والعيون عن النبي صلى الله عليه وآله وفي العلل عنه عليه السلام انه قال في تفسير هذه الاية لا يجاوز قدما عبد حتى يسئل عن أربع عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله من أين جمعه وفيما أنفقه وعن حبنا أهل البيت عليهم السلام

[ 267 ]

(25) ما لكم لا تناصرون لا ينصر بعضكم بعضا بالتخليص وهو توبيخ وتقريع (26) بل هم اليوم مستسلمون منقادون لعجزهم أو متسالمون يسلم بعضهم بعضا ويخذله القمي يعني العذاب (27) وأقبل بعضهم على بعض يتسائلون يسأل بعضهم بعضا للتوبيخ (28) قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قيل يعني عن أقوى الوجوه وأيمنه (29) قالوا بل لم تكونوا مؤمنين (30) وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين (31) فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون القمي قال العذاب (32) فأغويناكم إنا كنا غاوين (33) فإنهم فإن الأتباع والمتبوعين يومئذ في العذاب مشتركون كما كانوا في الغواية مشتركين (34) إنا كذلك نفعل بالمجرمين بالمشركين (35) إنهم كانوا إذا قيل لهم لاإله إلا الله يستكبرون (36) ويقولون أئنا لتاركوا الهتنا لشاعر مجنون يعنون النبي صلى الله عليه وآله (3 7) بل جاء بالحق وصدق المرسلين رد عليهم بأن ما جاء به من التوحيد حق قام به البرهان وتطابق عليه المرسلون

[ 268 ]

(38) إنكم لذآئقوا العذاب الاليم بالأشراك وتكذيب الرسول (39) وما تجزون إلا ما كنتم تعملون (40) إلا عباد الله المخلصين إستثناء منقطع (41) أولئك لهم رزق معلوم (42) فواكه وهم مكرمون في الكافي عن الباقر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث يصف فيه أهل الجنة قال وأما قوله أولئك لهم رزق معلوم قال يعلمه الخدام فيأتون به أولياء الله قبل أن يسألوهم إياه وأما قوله فواكه وهم مكرمون قال فإنهم لا يشتهون شيئا في الجنة إلا اكرموا به (43) في جنات النعيم (44) على سرر متقابلين (45) يطاف عليهم بكأس بإناء فيه خمر من معين من شراب معين أو نهر معين أي جار ظاهر للعيون أو خارج من العيون وصف به خمر الجنة لأنها تجري كالماء (46) بيضاء لذة للشاربين قيل وصفها بلذة إما للمبالغة أو لأنها تأنيث لذ بمعنى لذيذ (47) لا فيها غول غائلة وفساد كما في خمر الدنيا كالخمار ولا هم عنها ينزفون قيل أي يسكرون من نزف إذا ذهب عقله والقمي أي لا يطردون منها وقرئ بكسر الزاى (48) وعندهم قاصرات الطرف قصرن أبصارهن على أزواجهن عين عيناء فسرت تارة بواسعات العيون لحسانها واخرى بالشديدة بياض العين الشديدة سوادها

[ 269 ]

(49) كأنهن بيض مكنون شبههن ببيض النعام الذي تكنه بريشها مصونا من الغبار ونحوه في الصفاء والبياض المخلوط بأدنى صفرة فإنه أحسن ألوان الأبدان كذا قيل (50) فأقبل بعضهم على بعض يتسائلون عن المعارف والفضائل وما جرى لهم وعليهم في الدنيا فإنه ألذ اللذات كما قيل وما بقيت من اللذات إلا أحاديث الكرام على المدام (51) قال قائل منهم في مكالمتهم إنى كان لى قرين جليس في الدنيا (52) يقول أئنك لمن المصدقين يوبخني على التصديق بالبعث (53) أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنإ لمدينون لمجزيون من الدين بمعنى الجراء (54) قال أي ذلك القائل لجلسائه هل أنتم مطلعون إلى أهل النار لاريكم ذلك القرين وقيل والقائل هو الله أو بعض الملائكة يقول لهم هل تحبون أن تطلعوا على أهل النار لاريكم ذلك القرين فتعلموا أين منزلتكم من منزلتهم (55) فاطلع عليهم فرآه أي قرينه في سوآء الجحيم القمي عن الباقر عليه السلام يقول في وسط الجحيم (56) قال تالله إن كدت لتردين إن كدت لتهلكني بالأغواء (57) ولو لا نعمة ربى بالهداية والعصمة لكنت من المحضرين معك فيها (58) أفما نحن بميتين عطف على محذوف أي نحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين أي بمن شأنه الموت (59) إلا موتتنا الاولى التي كانت في الدنيا وما نحن بمعذبين كالكفار (60) إن هذا لهو الفوز العظيم

[ 270 ]

(61) لمثل هذا فليعمل العاملون القمي عن الباقر عليه السلام قال إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار جئ بالموت فيذبح كالكبش بين الجنة والنار ثم يقال خلود فلا موت أبدا فيقول أهل الجنة أفما نحن بميتين الايات (62) أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم شجرة ثمرها نزل أهل النار وفيه دلالة على أن ما ذكر من النعيم لأهل الجنة بمنزلة ما يقام للنازل ولهم ما وراء ذلك ما يقصر عنه الأفهام وكذلك الزقوم لأهل النار قيل هو اسم شجرة صغيرة الورق ذفرة مرة تكون بتهامه سميت به الشجرة الموصوفة (63) إنا جعلناها فتنة للظالمين محنة وعذابا لهم في الاخرة أو ابتلاء في الدنيا في المجمع روي أن قريشا لما سمعت هذه الاية إن شجرة الزقوم طعام الاثيم قالت ما نعرف هذه الشجرة قال ابن الزبعرى الزقوم بكلام البربر التمر والزبد وفي رواية بلغة اليمن فقال أبو جهل لجاريته يا جارية زقمينا فأتته الجارية بتمر وزبد فقال لأصحابه تزقموا بهذا الذي يخوفكم به محمد صلى الله عليه وآله فيزعم أن النار تنبت الشجر والنار تحرق الشجر فأنزل الله سبحانه إنا جعلناها فتنة للظالمين (64) إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم منبتها في قعر جهنم وأغصانها ترفع إلى دركاتها (65) طلعها حملها مستعار من طلع التمر كأنه رءوس الشياطين في تناهي القبح والهول قيل هو تشبيه بالمتخيل كتشبيه الفائق في الحسن بالملك (66) فإنهم لاكلون منها فمالون منها البطون لغلبة الجوع (67) ثم إن لهم عليها أي بعد ما شبعوا منها وغلبهم العطش وطال

[ 271 ]

إستسقاؤهم لشوبا من حميم لشرابا من غساق أو صديد مشوبا بماء حميم يقطع أمعائهم (68) ثم إن مرجعهم لالى الجحيم فإن الزقوم والحميم نزل يقدم إليهم قبل دخولها وقيل الحميم خارج عنها لقوله تعالى هذه جهنم التى يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن يوردون إليه كما يورد الأبل إلى الماء ثم يردون إلى الجحيم (69) إنهم ألفوا آبآئهم ضآلين (70) فهم على آثارهم يهرعون تعليل لأستحقاقهم تلك الشدائد بتقليد الاباء في الظلال والأهراع الأسراع الشديد كأنهم يزعجون على الأسراع على أثرهم وفيه إشعار بأنهم بادروا إلى ذلك من غير توقف على بحث ونظر (71) ولقد ضل قبلهم قبل قومك أكثر الاولين (72) ولقد أرسلنا فيهم منذرين أنبياء أنذروهم من العواقب (73) فانظر كيف كان عاقبة المنذرين من الشدة والفظاعة (74) إلا عباد الله المخلصين إلا الذين تنبهوا بإنذارهم فأخلصوا دينهم لله وقرئ بالفتح أي الذين أخلصهم الله لدينه والخطاب مع الرسول صلى الله عليه وآله والمقصود خطاب قومه فإنهم أيضا سمعوا أخبارهم ورأوا آثارهم (75) ولقد نادانا نوح شروع في تفصيل القصص بعد إجمالها أي ولقد دعانا حين أيس من قومه فلنعم المجيبون أي فأجبناه أحسن الأجابة فوالله لنعم المجيبون نحن (76) ونجيناه وأهله من الكرب العظيم من أذى قومه والغرق (77) وجعلنا ذريته هم الباقين إذ هلك من هلك القمي عن الباقر عليه السلام في هذه الاية يقول الحق والنبوة والكتاب

[ 272 ]

والأيمان في عقبه وليس كل من في الأرض من بنى آدم من ولد نوح قال الله عز وجل في كتابه احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ومن آمن وما آمن معه إلا قليل وقال أيضا ذرية من حملنا مع نوح (78) وتركنا عليه في الاخرين من الامم (79) سلام على نوح في العالمين قيل أي تركنا عليه فيهم التحية بهذه الكلمة والدعاء بثبوتها في الملائكة والثقلين وقيل بل هو سلام من الله عليه ومفعول تركنا محذوف مثل الثنا وفي الأكمال عن الصادق عليه السلام في حديث طويل وبشرهم نوح بهود وأمرهم باتباعه وأن يقيموا الوصية كل عام فينظروا فيها ويكون عيدا لهم كما أمرهم آدم فظهرت الجبرية من ولد حام ويافث فاستخفى ولد سام بما عندهم من العلم جرت على سام بعد نوح الدولة لحام ويافث وهو قول الله عز وجل تركنا عليه في الاخرين يقول تركت على نوح دولة الجبارين ويعزي الله محمدا صلى الله عليه وآله بذلك قال وولد لحام السند والهند والحبش وولد لسام العرب والعجم وجرت عليهم الدولة وكانوا يتوارثون الوصية عالم بعد عالم حتى بعث الله عز وجل هودا (80) إنا كذلك نجزى المحسنين يعني إنه مجازاة له على إحسانه (81) إنه من عبادنا المؤمنين (82) ثم أغرقنا الاخرين يعني كفار قومه (83) وإن من شيعته ممن شايعه في الأيمان واصول الشريعة لابرهيم في المجمع والقمي عن الباقر عليه السلام ليهنئكم الاسم قيل وما هو قال الشيعة قيل إن الناس يعيروننا بذلك قال أما تسمع قول الله وإن من شيعته لابرهيم وقوله فاستغاثه الذى من شيعته على الذى من عدوه (84) إذ جاء ربه بقلب سليم من حب الدنيا وقد مضى في معناه أخبار

[ 273 ]

في سورة الشعراء (85) إذ قال لابيه وقومه ماذا تعبدون (86) أئفكا آلهة دون الله تريدون آلهة دون الله إفكا فقدم للعناية (87) فما ظنكم برب العالمين بمن هو حقيق بالعبادة حتى أشركتم به غيره وآمنتم من عذابه (88) فنظر نظرة في النجوم فرأى مواقعها وإتصالاتها (89) فقال إنى سقيم قيل أراهم إنه استدل بها على إنه مشارف للسقم لئلا يخرجوه إلى معبدهم لأنهم كانوا منجمين وذلك حين سألوه أن يعيد معهم وكان أغلب أسقامهم الطاعون وكانوا يخافون العدوى وفي الكافي عن الباقر عليه السلام والله ماكان سقيما وما كذب وفي المعاني والقمي عن الصادق عليه السلام مثله وزاد وإنما عنى سقيما في دينه مرتادا قال في المعاني وقد روى أنه عني بقوله إنى سقيم أي سأسقم وكل ميت سقيم وقد قال الله عز وجل لنبيه إنك ميت أي ستموت وفي الكافي عن الصاق عليه السلام في هذه الاية قال انه حسب فرأى ما يحل بالحسين عليه السلام فقال إنى سقيم لما يحل بالحسين والعياشي عنه عليه السلام قال إن الله تبارك وتعالى خلق روح القدس فلم يخلق خلقا أقرب إليه منها وليست بأكرم خلقه إليه فإذا أراد أمر ألقاه إليه فألقاه الى النجوم فجرت به (90) فتولوا عنه مدبرين إلى عيد لهم (91) فراغ إلى آلهتهم فذهب إليها في خفية فقال أي للأصنام إستهزاء ألا تأكلون يعني الطعام الذي كان عندهم

[ 274 ]

(92) ما لكم لا تنطقون بجوابي (1) (93) فراغ عليهم فمال عليهم مستخفيا والتعدية بعلى للأستعلاء وكراهة الميل ضربا باليمين يضربهم ضربا بها (94) فأقبلوا إليه إلى إبراهيم بعدما رجعوا فرأوا أصنامهم مكسرة وبحثوا عن كاسرها فظنوا أنه هو كما شرحه في قوله من فعل هذا بالهتنآ الاية يزفون يسرعون وقرئ على البناء للمفعول أي يحملون على الزفيف (95) قال أتعبدون ما تنحتون ما تنحتونه من الأصنام (96) والله خلقكم وما تعملون وما تعملونه فإن جوهرها بخلقه ونحتها بإقتداره (97) قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم في النار الشديدة (98) فأرادوا به كيدا فإنه لما قهرهم بالحجة قصدوا تعذيبه بذلك لئلا يظهر للعامة عجزهم فجعلناهم الاسفلين الأذلين بإبطال كيدهم وجعله برهانا منيرا على علو شأنه حيث جعل النار عليه بردا وسلاما وقد مضت قصته في سورة الأنبياء (99) وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين في الكافي عن الصادق عليه السلام يعني بيت المقدس وفي التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام في جواب من اشتبه عليه من الايات قال ولقد أعلمتك إن رب شئ من كتاب الله تأويله على غير تنزيله ولا يشبه كلام البشر وسأنبئك بطرف منه فيكفي إنشاء الله من ذلك قول إبراهيم إنى ذاهب إلى ربى سيهدين فذهابه إلى ربه توجهه إليه عبادة واجتهادا وقربة إلى الله جل وعز ألا ترى أن تأويله على غير تنزيله (100) رب هب لى من الصالحين بعض الصالحين يعينني على الدعوة

______________________________ـــ

(1) وقيل معناه بالقسم الذى سبق وهو قوله (تالله لأكيدن أصنامكم). (*)

[ 275 ]

والطاعة ويونسني في الغربة يعني الولد لان لفظة الهبة غالبة فيه (101) فبشرناه بغلام حليم قيل ما نعت الله نبيا بالحلم لعزة وجوده غير إبراهيم وابنه (102) فلما بلغ معه السعي أي فلما وجد وبلغ أن يسعى معه في أعماله قال يا بنى إنى أرى في المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى من الرأي قيل وإنما شاوره وهو حتم ليعلم ما عنده فيما نزل من بلاء الله فيثبت قدمه إن جزع ويأمن عليه إن سلم وليوطن نفسه عليه فيهون ويكتسب المثوبة بالأنقياد له قبل نزوله وقرئ ماذا ترى بضم التاء وكسر الراء قال يا ابت افعل ما تؤمر ما تؤمر به وإنما ذكر بلفظ المضارع لتكرر الرؤيا ستجدني إن شآء الله من الصابرين (103) فلمآ أسلما استسلما لأمر الله أو أسلم الذبيح نفسه وإبراهيم ابنه وفي المجمع عن أمير المؤمنين والصادق عليهما السلام انهما قرءا فلما سلما من التسليم وتله للجبين صرعه على شقه فوقع جبينه على الأرض وهو أحد جانبي الجبهة (104) وناديناه أن يا ابرهيم (105) قد صدقت الرؤيا بالعزم والأتيان بما كان تحت قدرتك من ذلك وجواب لما محذوف تقديره كان ما كان مما ينطق به الحال ولا يحيط به المقال من استبشارهما وشكرهما لله على ما أنعم عليهما من رفع البلاء بعد حلوله والتوفيق لما لم يوفق غيرهما لمثله وإظهار فضلهما به على العالمين مع إحراز الثواب العظيم إلى غير ذلك إنا كذلك نجزى المحسنين (106) إن هذا لهو البلاء المبين الأبتلاء البين الذي يتميز فيه المخلص من غيره أو المحنة البينة الصعوبة فانه لا أصعب منها (107) وفديناه بذبح عظيم بما بدله عظيم القدر أو الجثة سمين

[ 276 ]

العياشي عن الصادق عليه السلام إنه سئل كم كان بين بشارة إبراهيم عليه السلام باسماعيل وبين بشارته بإسحق قال كان بين البشارتين حمس سنين قال الله سبحانه فبشرناه بغلام حليم يعني إسماعيل وهي أول بشارة بشر الله بهإ إبراهيم عليه السلام في الولد ولما ولد لابراهيم إسحق عليهما السلام من سارة وبلغ إسحق ثلاث سنين أقبل إسماعيل إلى اسحق وهو في حجر إبراهيم فنحاه وجلس في مجلسه فبصرت به سارة فقالت يا إبراهيم نحي ابن هاجر ابني من حجرك ويجلس هو مكانه لا والله لا تجاورني هاجر وابنها في بلاد أبدا فنحهما عني وكان إبراهيم عليه السلام مكرما لسارة يعزها ويعرف حقها وذلك لأنها كانت من ولد الأنبياء وبنت خالته فشق ذلك على إبراهيم عليه السلام واغتم لفراق إسماعيل فلما كان في الليل أتى إبراهيم آت من ربه فأراه الرؤيا في ذبح ابنه إسماعيل عليه السلام بموسم مكة فأصبح إبراهيم عليه السلام حزينا للرؤيا التي رآها فلما حضر موسم ذلك العام حمل إبراهيم عليه السلام هاجر وإسماعيل في ذي الحجة من أرض الشام فانطلق بهما إلى مكة ليذبحه في الموسم فبدأ بقواعد البيت الحرام فلما رفع قواعده خرج إلى منى حاجا وقضى نسكه بمنى ثم رجع إلى مكة فطاف بالبيت اسبوعا ثم انطلقا فلما صارا في السعي قال إبراهيم عليه السلام لاسماعيل يا بنى إنى أرى في المنام أنى أذبحك في الموسم عامي هذا فماذا ترى قال يا ابت افعل ما تؤمر فلما فرغا من سعيهما انطلق به إبراهيم عليه السلام إلى منى وذلك يوم النحر فلما انتهى إلى الجمرة الوسطى وأضجعه لجنبه الأيسر وأخذ الشفرة ليذبحه نودي أن يا ابراهيم عليه السلام قد صدقت الرؤيا إلى آخره وفدي إسماعيل عليه السلام بكبش عظيم فذبحه وتصدق بلحمه على المساكين وعنه عليه السلام أنه سئل عن صاحب الذبح فقال هو إسماعيل عليه السلام وعن الباقر عليه السلام مثله والقمي عن الصادق عليه السلام مثله وفي الفقيه عنه عليه السلام إنه سئل عن الذبيح من كان فقال إسماعيل عليه السلام لأن الله تعالى ذكرقصته في كتابه ثم قال وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين

[ 277 ]

قال وقد اختلفت الروايات في الذبيح فمنها ما ورد بأنه إسماعيل عليه السلام ومنها ما ورد بأنه إسحق ولا سبيل إلى رد الأخبار متى صح طرقها وكان الذبيح إسماعيل لكن سحق لما ولد بعد ذلك تمنى أن يكون هو الذي أمر أبوه بذبحه وكان يصبر لأمر الله ويسلم له كصبر أخيه وتسليمه فينال بذلك درجته في الثواب فعلم الله ذلك من قلبه فسماه الله بين الملائكة ذبيحا لتمنيه لذلك قال وقد ذكرت إسناد ذلك في كتاب النبوة متصلا بالصادق عليه السلام أقول: ويؤيد هذا أن البشارة بإسحاق كانت مقرونه بولادة يعقوب فلا يناسب الأمر بذبحه مراهقا وفي الكافي عنهما عليهما السلام يذكران أنه لما كان يوم التروية قال جبرئيل لإبراهيم عليه السلام ترو من الماء فسميت التروية ثم أتى منى فأباته بها ثم غدا به إلى عرفات فضرب خباه بنمرة دون عرفة فبنى مسجدا بأحجار بيض وكان يعرف أثر مسجد إبراهيم عليه السلام حتى أدخل في هذا المسجد الذي بنمرة حيث يصلي الأمام يوم عرفة فصلى بها الظهر والعصر ثم عمد به إلى عرفات فقال هذه عرفات فاعرف بها مناسكك واعترف بذنبك فسمي عرفات ثم أفاض إلى المزدلفة فسميت المزدلفة لأنه إزدلف إليها ثم قام على المشعر الحرام فأمر الله أن يذبح ابنه وقد رأى فيه شمائله وخلائقه وأنس ما كان إليه فلما أصبح أفاض من المشعر إلى منى فقال لامه زوري البيت أنت واحتبس الغلام فقال يا بني هات الحمار والسكين حتى اقرب القربان سئل الراوي ما أراد بالحمار والسكين قال أراد أن يذبحه ثم يحمله فيجهزه ويدفنه قال فجاء الغلام بالحمار والسكين فقال يا أبت أين القربان قال ربك يعلم أين هو يا بني أنت والله هو إن الله قد أمرني بذبحك فانظر ماذا ترى قال يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني إن شآء الله من الصابرين قال فلما عزم على الذبح قال يا أبت خمر وجهي وشد وثاقي قال يا بني الوثاق مع الذبح والله لا أجمعهما عليك اليوم قال الباقر عليه السلام فطرح له قرطان الحمار ثم أضجعه عليه وأخذ المدية فوضعها على حلقه قال فأقبل شيخ فقال ما تريد من هذا الغلام قال أريد أن أذبحه فقال سبحان الله

[ 278 ]

غلام لم يعص الله طرفة عين تذبحه فقال نعم إن الله قد أمرني بذبحه فقال بل ربك ينهاك عن ذبحه وإنما أمرك بهذا الشيطان في منامك قال ويلك الكلام الذي سمعت هو الذي بلغ بي ما ترى لا والله لا اكلمك ثم عزم على الذبح فقال الشيخ يا إبراهيم إنك إمام يقتدى بك فإن ذبحت ولدك ذبح الناس أولادهم فمهلا فأبى أن يكلمه ثم قال عليه السلام فأضجعه عند الجمرة الوسطى ثم أخذ المدية فوضعها على حلقه ثم رفع رأسه إلى السماء ثم انتحى عليه المدية فقلبها جبرئيل عليه السلام عن حلقه فنظر إبراهيم فإذا هي مقلوبة فقلبها إبراهيم عليه السلام على حدها وقلبها جبرئيل عليه السلام على قفاها ففعل ذلك مرارا ثم نودي من ميسرة مسجد الخيف (1) يا ابراهيم (عليه السلام) قد صدقت الرؤيا واجتر الغلام من تحته وتناول جبرئيل الكبش من قلة بثير فوضعه تحته وخرج الشيخ الخبيث حتى لحق بالعجوز حين نظرت إلى البيت والبيت في وسط الوادي فقال ما شيخ رأيته بمنى فنعت نعت إبراهيم عليه السلام قالت ذاك بعلي قال فما وصيف رأيته معه ونعت نعته فقالت ذاك ابني قال فإني رأيته أضجعه وأخذ المدية ليذبحه قالت كلا ما رأيته إبراهيم (عليه السلام) أرحم الناس وكيف رأيته يذبح ابنه قال ورب السماء والأرض ورب هذه البنية لقد رأيته أضجعه وأخذ المدية ليذبحه قالت لم قال زعم أن ربه أمره بذبحه قالت فحق له أن يطيع ربه قال فلما قضت مناسكها فرقت أن يكون قد نزل في ابنها شئ فكأني أنظر إليها مسرعة في الوادي واضعة يدها على رأسها وهي تقول رب لا تؤاخذني بما عملت بام إسماعيل قال فلما جاءت سارة فاخبرت الخبر قامت إلى إبنها تنظر فإذا أثر السكين خدوشا في حلقه ففزعت واشتكت وكان بدو مرضها الذي هلكت فيه قال عليه السلام أراد أن يذبحه في الموضع الذي حملت ام رسول الله صلى الله عليه وآله عند الجمرة الوسطى فلم يزل مضربهم يتوارثون به كابر عن كابر حتى كان آخر من ارتحل منه علي بن الحسين عليهما السلام في شئ كان بين بني هاشم وبين بني امية فارتحل فضرب بالعرين والعياشي والقمي عن الصادق عليه السلام ما يقرب منه بزيادة ونقضان

______________________________ـــ

(1) الخيف ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء ومنه سمي مسجد الخيف بمني. (*)

[ 279 ]

وزاد القمي ونزل الكبش على الجبل الذي عن يمين مسجد منى نزل من السماء وكان يأكل في سواد ويمشي في سواد أقرن قيل ما كان لونه قال كان أملح أغبر وفي العيون عن الرضا عليه السلام قال لما أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل عليه السلام الكبش الذي أنزل عليه تمنى إبراهيم عليه السلام أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل عليه السلام بيده وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب فأوحى الله عز وجل إليه يا إبراهيم من أحب خلقي إليك قال يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إلى من حبيبك محمد صلى الله عليه وآله فأوحى الله عز وجل إليه يا إبراهيم هو أحب إليك أو نفسك قال بل هو أحب إلي من نفسي قال فولده أحب إليك أو ولدك قال بل ولده قال فذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي قال يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي قال يا إبراهيم إن طائفة تزعم أنها من امة محمد صلى الله عليه وآله ستقتل الحسين عليه السلام ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبش ويستوجبون بذلك سخطي فجزع إبراهيم عليه السلام لذلك فتوجع قلبه وأقبل يبكي فأوحى الله تعالى إليه يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل عليه السلام لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين عليه السلام وقتله وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب وذلك قول الله عز وجل وفديناه بذبح عظيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وسئل عن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله أنا ابن الذبيحين قال يعني إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام وعبد الله بن عبد المطلب أما إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشر الله تعالى به إبراهيم (عليه السلام) فلما بلغ معه السعي وهو لما عمل مثل عمله قال يا بنى إنى أرى في المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني إن شآء الله من الصابرين فلما عزم على ذبحه فداه الله بذبح عظيم بكبش أملح يأكل في سواد ويشرب في سواد وينظر في سواد ويمشي في سواد ويبول ويبعر في سواد وكان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة أربعين عاما وما خرج من

[ 280 ]

رحم انثى وإنما قال الله تعالى له كن فكان ليفتدي به إسماعيل عليه السلام فكل ما يذبح بمنى فهو فدية لاسماعيل إلى يوم القيامة فهذا أحد الذبيحين ثم ذكر قصة الذبيح الاخر ثم قال والعلة التي من أجلها دفع الله عز وجل الذبح عن إسماعيل عليه السلام هي العلة التي من أجلها دفع الله الذبح عن عبد الله وهي كون النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام في صلبهما فببركة النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام دفع الذبح عنهما عليهما السلام فلم تجر السنة في الناس بقتل أولادهم ولولا ذلك لوجب على الناس كل أضحى التقرب إلى الله تعالى ذكره بقتل أولادهم وكل ما يتقرب به الناس من أضحية فهو فداء لاسماعيل إلى يوم القيامة وفي الكافي عنه عليه السلام لو خلق الله مضغة هي أطيب من الضأن لفدى بها إسماعيل عليه السلام (108) وتركنا عليه في الاخرين (109) سلام على إبرهيم (ع) سبق بيانه في قصة نوح (ع) (110) كذلك نجزى المحسنين (111) إنه من عبادنا المؤمنين (11 2) وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين (113) وباركنا عليه على إبراهيم (ع) وعلى إسحق أفضنا عليهما بركات الدين والدنيا ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه بالكفر والمعاصي مبين ظاهر ظلمه وفي ذلك تنبيه على أن النسب لا أثر له في الهدى والضلال وأن الظلم في أعقابهما لا يعود عليهما بنقيصه وعيب (114) ولقد مننا على موسى وهرون أنعمنا عليهما بالنبوة وغيرها من المنافع الدينية والدنيوية (115) ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم من تغلب الفرعون أو الغرق

[ 281 ]

(116) ونصرناهم فكانوا هم الغالبين على فرعون وقومه (117) وآتيناهما الكتاب المستبين البليغ في بيانه وهو التوراة (118) وهديناهما الصراط المستقيم الطريق الموصل إلى الحق والصواب (119) وتركنا عليهما في الاخرين (120) سلام على موسى وهرون (121) إنا كذلك نجزى المحسنين (122) إنهما من عبادنا المؤمنين سبق مثل ذلك (123) وإن إلياس لمن المرسلين (124) إذ قال لقومه ألا تتقون (125) أتدعون بعلا أتعبدونه وتطلبون الخير منه القمي قال كان لهم صنم يسمونه بعلا قال وسمي الرب بعلا وتذرون أحسن الخالقين وتتركون عبادته (126) الله ربكم ورب آبآئكم الاولين وقرئ بالنصب (127) فكذبوه فإنهم لمحضرون أي في العذاب (128) إلا عباد الله المخلصين مستثني من الواو لا من المحضرين لفساد المعنى (129) وتركنا عليه في الاخرين (130) سلام على آل ياسين القمي ثم ذكر عز وجل آل محمد صلوات الله عليهم فقال وتركنا عليه في الاخرين سلام على آل ياسين فقال يس محمد وآل محمد الأئمة عليهم السلام وفي المعاني عن الصادق عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام في هذه الاية قال يس محمد ونحن آل يس

[ 282 ]

وفي الجوامع عن ابن عباس آل يس آل محمد صلوات الله عليهم ويس اسم من أسمائه وقد مضى في سورة الأحزاب عند قوله تعالى وسلموا تسليما وفي أول سورة يس أخبار في تسمية النبي صلى الله عليه وآله بيس ويؤيد هذه القراءة كونهما مفصولين في مصحف امامهم وقرء ال ياسين فقيل هو لغة في الياس كسينا وسنين وقيل جمع له أريد به هو وأتباعه وفيه أنه لو كان كذلك لكان معرفا وقيل يس اسم أبي إلياس على قراءة آل ياسين ليناسب ما بعده ونظم ساير القصص كما في قراءة الياسين وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام قال ان الله سمى النبي بهذا الاسم حيث قال يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين لعلمه أنهم يسقطون سلام على آل محمد صلوات الله عليهم كما اسقطوا غيره وفيه دلالة على قراءة آل يس وأن المراد بهم آل محمد صلوات الله عليهم (131) إنا كذلك نجزى المحسنين (132) إنه من عبادنا المؤمنين (133) وإن لوطا لمن المرسلين (134) إذ نجيناه وأهله أجمعين (135) إلا عجوزا في الغابرين (136) ثم دمرنا الاخرين وقد مضى تفسيرها (137) وإنكم لتمرون عليهم قيل أي على منازلهم في متاجركم إلى الشام فإن سدوم في طريقه مصبحين داخلين في الصباح (138) وبالليل أفلا تعقلون أفليس فيكم عقل تعتبرون به وفي الكافي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن هذه الاية فقال تمرون عليهم في القرآن إذا قرأتم القرآن تقرؤن ما قص الله عليكم من خبرهم

[ 283 ]

(139) وإن يونس لمن المرسلين (140) إذ أبق هرب وأصل الأباق الهرب من السيد لكن لما كان هربه من قومه بغير إذن ربه حسن اطلاقه عليه إلى الفلك المشحون المملو (141) فساهم فقارع أهله فكان من المدحضين فصار من المغلوبين بالقرعة وأصله المزلق عن مقام الظفر في الفقيه عن الباقر عليه السلام في حديث قال انه لما ركب مع القوم فوقفت السفينة في اللجة واستهموا فوقع السهم على يونس ثلاث مرات قال فمضى يونس إلى صدر السفينة فإذا الحوت فاتح فاه فرمى بنفسه وعن الصادق عليه السلام ما تقارع قوم ففوضوا أمرهم إلى الله عز وجل إلا خرج سهم المحق وقال أي قضية أعدل من القرعة إذا فوضوا الأمر إلى الله أليس الله عز وجل يقول فساهم فكان من المدحضين وفي الكافي عنه عليه السلام ما يقرب منه (142) فالتقمه الحوت وهو مليم داخل في الملامة أو آت بما يلام عليه أو مليم نفسه القمي عن الصادق عليه السلام في قصة يونس وقومه كما سبق ذكر صدرها في سورته قال فغضب يونس ومر على وجهه مغاضبا لله كما حكى الله حتى انتهى إلى ساحل البحر فإذا سفينة قد شحنت وأرادوا أن يدفعوها فسألهم يونس أن يحملوه فحملوه فلما توسطوا البحر بعث الله حوتا عظيما فحبس عليهم السفينة فنظر إليه يونس ففزع منه وصار الى مؤخرة السفينة فدار إليه الحوت ففتح فاه فخرج أهل السفينة فقالوا فينا عاص فتساهموا فخرج يونس وهو قول الله عز وجل فساهم فكان من المدحضين فأخرجوه فألقوه في البحر فالتقمه ومر به في الماء (143) فلو لا أنه كان من المسبحين الذاكرين لله كثيرا بالتسبيح (144) للبث في بطنه إلى يوم يبعثون

[ 284 ]

(145) فنبذناه بالعراء بالمكان الخالي عما يغطيه من شجر أو نبت وهو سقيم مما ناله (146) وأنبتنا عليه شجرة من يقطين من شجرة تنبسط على وجه الأرض ولا تقوم على ساق القمي قال الدبا (147) وأرسلناه إلى ماة ألف أو يزيدون وفي المجمع عن الصادق عليه السلام إنه قرأ ويزيدون بالواو وفي الكافي عنه عليه السلام يزيدون ثلاثين ألفا (148) فامنوا فمتعناهم إلى حين إلى أجلهم المقضي القمي عن أمير المؤمنين عليه السلام إن الحوت قد طاف به في أقطار الأرض والبحار ومر بقارون إلى أن قال فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين كما سبق ذكره في سورة القصص قال فاستجاب له وأمر الحوت أن يلفظه فلفظه على ساحل البحر وقد ذهب جلده ولحمه وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهي الدبا فأظلته من الشمس فسكن ثم أمر الله الشجرة فتنحت عنه ووقعت الشمس عليه فجزع فأوحى الله إليه يا يونس لم لم ترحم ماة ألف أو يزيدون وأنت تجزع من ألم ساعة قال يا رب عفوك عفوك فرد الله عليه بدنه ورجع إلى قومه وآمنوا به وعن الباقر عليه السلام قال لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة أيام ونادى في الظلمات ظلمة بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين فاستجاب له ربه فأخرجه الحوت إلى الساحل ثم قذفه فألقاه بالساحل وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهوالقرع فكان يمصه ويستظل به وبورقه وكان تساقط شعره ورق جلده وكان يونس يسبح الله ويذكر الله بالليل والنهار فلما أن قوى واشتد بعث الله دودة فأكلت أسفل القرع فدبلت القرعة ثم يبست فشق ذلك على يونس فظل حزينا فأوحى الله إليه ما لك حزينا يا يونس قال يا رب هذه الشجرة التي كانت تنفعني سلطت عليها دودة فيبست قال يا يونس أحزنت لشجرة لم تزرعها

[ 285 ]

ولم تسقها ولم تعن بها أن يبست حين استغنيت عنها ولم تحزن لأهل نينوى أكثر من ماة ألف ينزل عليهم العذاب إن أهل نينوا قد آمنوا واتقوا فارجع إليهم فانطلق يونس إلى قومه فلما دنى من نينوا إستحيى أن يدخل فقال لراع لقيه إئت أهل نينوى فقل لهم إن هذا يونس قد جاء قال الراعي أتكذب أما تستحيي ويونس قد غرق في البحر وذهب قال له يونس اللهم إن هذه الشاة تشهد لك إني يونس ونطقت الشاة له بأنه يونس فلما أتى الراعى قومه وأخبرهم أخذوه وهموا بضربه فقال إن لي بينة بما أقول قالوا فمن يشهد لك قال هذه الشاة تشهد فشهدت بأنه صادق وأن يونس قد رده الله إليكم فخرجوا يطلبونه فوجدوه فجاؤا به وآمنوا وحسن إيمانهم فمتعهم الله إلى حين وهو الموت وأجارهم من ذلك العذاب (149) فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون القمي قال قالت قريش إن الملائكة هم بنات الله فرد الله عليهم (150) أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون إذ لا يمكن معرفة مثل ذلك إلا بالمشاهدة (151) ألا إنهم من إفكهم ليقولون (152) ولد الله وإنهم لكاذبون فيما يتدينون به (153) أصطفى البنات على البنين إستفهام إنكار وإستبعاد وقرئ بكسر الهمزة بحذف الهمزة لدلالة أم بعدها عليها أو بإضمار القول أي لكاذبون في قولهم اصطفى (154) ما لكم كيف تحكمون بما لا يرتضيه عقل (155) أفلا تذكرون أنه منزه عن ذلك (156) أم لكم سلطان مبين حجة واضحة نزلت عليكم من السماء بأن الملائكة بناته (157) فأتوا بكتابكم الذي انزل عليكم إن كنتم صادقين في دعواكم (158) وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا القمي يعني إنهم قالوا الجن بنات الله وقيل يعني الملائكة سموا بها لاستتارهم

[ 286 ]

وقيل قالوا إن الله صاهر الجن فخرجت الملائكة وقيل قالوا الله والشيطان أخوان تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ولقد علمت الجنة إنهم إن المشركين لمحضرون القمي يعني إنهم في النار (159) سبحان الله عما يصفون من الولد والنسب (160) إلا عباد الله المخلصين (161) فإنكم وما تعبدون عود إلى خطابهم (162) مآ أنتم عليه على الله بفاتنين مفسدين الناس بالأغواء (163) إلا من هو صال الجحيم إلا من سبق في علمه أنه من أهل النار يصلاها لا محالة (164) وما منآ إلا له مقام معلوم القمي عن الصادق عليه السلام قال نزلت في الائمة والأوصياء من آل محمد صلوات الله عليهم وقيل هي حكاية اعتراف الملائكة بالعبودية للرد على عبدتهم والمعنى وما منا أحد إلا له مقام معلوم في المعرفة والعبادة وإلانتهاء إلى أمر الله في تدبير العالم قيل ويحتمل أن يكون من قوله سبحان الله حكاية قولهم (165) وإنا لنحن الصافون في أداء الطاعة ومنازل الخدمة (166) وإنا لنحن المسبحون المنزهون الله عما لا يليق به ولعل الأول إشارة إلى درجاتهم في الطاعة وهذا في المعرفة في نهج البلاغة في وصف الملائكة صافون لا يتزايلون ومسبحون لا يسأمون والقمي قال جبرئيل يا محمد إنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون وعن الصادق عليه السلام كنا أنوارا صفوفا حول العرش نسبح فيسبح أهل

[ 287 ]

السماء بتسبيحنا إلى أن هبطنا إلى الأرض فسبحنا فسبح أهل الأرض بتسبيحنا وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون الحديث (167) وإن كانوا ليقولون أي مشركوا قريش (168) لو أن عندنا ذكرا من الاولين كتابا من الكتب التي نزلت عليهم (169) لكنا عباد الله المخلصين أخلصنا العبادة له ولم نخالف مثلهم (170) فكفروا به لما جاءهم الذكر الذي هو أشرف الأذكار والمهيمن عليها القمي عن الباقر عليه السلام هم كفار قريش كانوا يقولون لو ان عندنا ذكرا من الأولين قاتل الله اليهود والنصارى كيف كذبوا أنبيائهم اما والله لو كان عندنا ذكرا من الاولين لكنا عباد الله المخلصين يقول الله عز وجل فكفروا به حين جاءهم به محمد صلى الله عليه وآله فسوف يعلمون عاقبة كفرهم (171) ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين أي وعدنا لهم بالنصر والغلبة وهو قوله (172) إنهم لهم المنصورون (173) وإن جندنا لهم الغالبون (174) فتول عنهم فأعرض عنهم حتى حين هو الموعد لنصرك عليهم قيل هو يوم بدر وقيل يوم الفتح (175) وأبصرهم على ما ينالهم حينئذ والمراد بالأمر الدلالة على أن ذلك كائن قريب كأنه قدامه فسوف يبصرون ما قضينا لك من التأييد والنصرة والثواب في الاخرة وسوف للوعيد لا للتبعيد (1 76) أفبعذابنا يستعجلون روي أنه لما نزل فسوف يبصرون قالوا متى هذا فنزل

[ 288 ]

(177) فإذا نزل بساحتهم فإذا نزل العذاب بفنائهم شبهه بجيش هجمهم فأناخ بفنائهم بغتة فسآء صباح المنذرين صباحهم قيل الصباح مستعار من صباح الجيش المبيت لوقت نزول العذاب ولما كثرت فيهم الهجوم والغارة في الصباح سموا الغارة صباحا وإن وقعت في وقت آخر (178) وتول عنهم حتى حين (179) وأبصر فسوف يبصرون تأكيد إلى تأكيد وإطلاق بعد تقييد للأشعار بأنه يبصر وأنهم يبصرون ما لا يحيط به الذكر من أصناف المسرة وأنواع المساءة أو الأول لعذاب الدنيا والثاني لعذاب الاخرة والقمي فإذا نزل بساحتهم يعني العذاب إذا نزل ببني اميه وأشياعهم في آخر الزمان فسوف يبصرون قال أبصروا حين لا ينفعهم البصر قال فهذه في أهل الشبهات والضلالات من أهل القبلة (180) سبحان ربك رب العزة عما يصفون عما قاله المشركون في التوحيد عن الباقر عليه السلام إن الله علا ذكره كان ولا شئ غيره وكان عزيزا ولا عز كان قبل عزه وذلك قوله سبحانه سبحان ربك رب العزة وفي الكافي عنه عليه السلام ما يقرب منه (181) وسلام على المرسلين تعميم للرسل بالتسليم بعد تخصيص بعضهم (182) والحمد لله رب العالمين على ما أفاض عليهم وعلى من اتبعهم من النعم وحسن العاقبة وفيه تعليم المؤمنين كيف يحمدونه ويسلمون على رسله وفي الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام من أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى فليقل إذا أراد أن يقوم من مجلسه سبحان ربك الايات الثلات وفي الفقيه والمجمع عنه عليه السلام ما يقرب منه وفي ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام من قرأ سورة الصافات في كل يوم جمعة لم يزل محفوظا من كل آفة مدفوعا عنه كل بلية في الحياة الدنيا

[ 289 ]

مرزوقا في الدنيا في أوسع ما يكون من الرزق ولم يصبه الله في ماله وولده ولا بدنه بسوء من كل شيطان رجيم ولا من جبار عنيد وإن مات في يومه أو ليلته بعثه الله شهيدا وأدخله الجنة مع الشهداء في درجة من الجنة وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام إنه لم تقرأ عند مكروب من موت قط إلا عجل الله تعالى راحته ان شاء الله


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=1125
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20